استقلالية الجامعات

منذ ان صدر قرار التعليم العالي بإجراء "تنقلات" بين عدد من رؤساء الجامعات تابع الكثيرون ردود الافعال حتى من بعض من شملهم القرارات. والملاحظة العامة ان هناك تساؤلات على هذه القرارات، وأنها تتناقض مع الرسالة التي ارادها الملك في لقائه رمضان الماضي مع رؤساء الجامعات، وهي الرسالة الخاصة باستقلالية الجامعات ومكانة رئيس الجامعة وقدرته على اداء دوره دون ان يعيش في رعب انهاء العقد او النقل وكأنه موظف صغير لا يأمن على نفسه في عمله.

اضافة اعلان

وإحدى مشكلات الجامعات هي طريقة التعيين التي تخضع احيانا لمعايير غير مفهومة، وتكون فيها مقاييس لا تختلف عما يتم في مواقع اخرى. ولهذا اصاب بعض الجامعات عبر مسيرتها خلل في المسار لأن أسس التعيين لم تكن مكتملة او كانت لا تتناسب مع مؤسسات اكاديمية تحتاج إلى نوعية خاصة من القيادة، وليس مسؤولا عينه على ارضاء وزير او مؤسسة جاءت به او حكومة، وكان الأصل ان يكون التحرك الذي اعقب الزيارة الملكية والوثيقة التي اعدها رؤساء الجامعات بداية لمسار يصحح المسارات السابقة، ويعطي استقلالا اكبر للجامعات بحيث لا تكون تحت هيمنة وزير، بل إن جزءا من التوجه كان بأن تعطى مجالس الامناء للجامعات السلطة على الجامعة بدلا من مجلس التعليم العالي.

رئيس الجامعة إما أن يكون ناجحا فيعطى فرصة لاستمرار العطاء في جامعته لتستفيد من كفاءته او ان يكون غير ناجح، فالأصل ان يغادر موقعه, لكن التنقلات التي قرأنا علامات سؤال كثيرة على أسسها ودوافعها، لا تخدم تعزيز استقلال الجامعات ولا تخدم فكرة رفع مكانة رئيس الجامعة كموقع سياسي وإداري وأكاديمي. ولهذا فالأمر ليس خاصا بأشخاص، بل يشير الى منهجية تحتاج الى مراجعة، وقرارات تأتي باتجاه مخالف للمسار الذي نتوقعه بعد تطبيق الرؤية الملكية والوثيقة التي وضعت لتعزيز استقلالية الجامعات.

وإذا كنا في الأردن نرفع أصواتنا لإعادة المكانة للعديد من المواقع فإن موقع رئيس الجامعة يجب أن يكون على رأس هذه المواقع، وأن نصل الى معادلة جديدة تتجاوز سلبيات المعادلة السابقة في اختيار رؤساء الجامعات. فرئيس الجامعة شخصية كبيرة في دورها وتأثيرها الوطني، وقيادة ذات مواصفات خاصة لأنها تدير مؤسسة اكاديمية تصنع الاجيال ولها مساهمة في البحث العلمي وإدارة الدولة، وهي شخصية يجب ان يتم اختيارها لأنها قادرة متخمة بالاستقلالية والعلم والفهم للدور الوطني والاجتماعي للجامعات.

الرئيس ليس موظفا يهمه إرضاء فلان وعدم إغضاب علان، ومن ضمن هذه المعادلة أن يكون مجلس التعليم العالي والوزير مدركا لأهمية ومواصفات الرئيس ويقدرها، فرئيس الجامعة أهم من وزير التعليم العالي من حيث المسؤولية والدور.

ما بين الخطوات المنتظرة بعد الزيارة الملكية ووثيقة رؤساء الجامعات ودلالات التنقلات الاخيرة كمنهجية عمل وتفكير مسافة تحتاج الى ردم واختزال حتى نضع اقدامنا على طريق لمعالجة مشكلات الجامعات، اما ان نفكر باتجاه وننفذ باتجاه فهذا امر غير ايجابي.

[email protected]