استمرار نزيف سورية

هآرتس

تسفي برئيل

قدرة التحمل السويدية ممزوجة بالعطف الإيطالي ولقب النبل لماركيز، مع إضافة تجربة دبلوماسية تبلغ 40 سنة، كل ذلك كما يبدو قادر على تفسير تصميم مبعوث الأمم المتحدة إلى سورية، ستيفان دي مستورا، أن يستمر في مهمته غير الممكنة – الحفاظ على وقف اطلاق النار في سورية.اضافة اعلان
النجاح ليس بالضبط الصفة التي يمكن قولها عن الجهد الدبلوماسي اللافت. اتفاق وقف اطلاق النار الذي وقع في نهاية شباط بقي كحبر جاف على الورق الذي كتب عليه. ويبرهن على ذلك عشرات القتلى من بين الثوار وقوات النظام، استمرار المعارك الصعبة حول مدينة حلب، قصف مستشفى القدس في المدينة، والحصار الصعب الذي حولها إلى مدينة اشباح، حيث يموت السكان تحت طائلة الجوع والنقص في الأدوية.
صحيح أن الولايات المتحدة أرسلت 150 محاربا إضافيا إلى سورية، وتركيا تنوي إقامة "منطقة خالية من داعش" في جنوب مدينة قليس التي تتعرض للقصف، لكن هذه الخطوات لا تهدف إلى حل الصراع بين النظام والثوار، بل منح الغطاء العسكري للحرب ضد داعش.
مفتاح حل الأزمة السورية وضع منذ زمن في درج طاولة فلادمير بوتين. فهو الوحيد القادر على الضغط على الاسد من اجل تثبيت وقف اطلاق النار. لا يوجد لـ دي مستورا جنود ولا قدرات سياسية يستطيع من خلالها اجبار الاسد أو بوتين على وقف اطلاق النار. المعارضة ايضا لا تتشكل من مجموعة ملائكة. وقد جمد ممثلوها مشاركتهم في النقاشات في جنيف وهم يتحدثون الآن عن امكانية استئنافها حتى منتصف أيار.
اذا كانت الاسابيع الاولى لوقف اطلاق النار قد عكست استعداد المعارضة على الاقل للتقدم في العملية السياسية – فإن المعارك التي تحدث منذ اسبوع بين الثوار فيما بينهم في منطقة دمشق تشير إلى تفكك الصفوف في أوساطهم.
أيضا في معركة ممثلي المعارضة للمحادثات في جنيف، يتسع الشرخ بين من هم مستعدون لبقاء نظام الأسد خلال الفترة الانتقالية، وبين من يطلبون طرده قبل إقامة الحكومة المؤقتة. هذه الخلافات تخدم روسيا وإيران إلى مستوى يبدو فيه أن استمرار المعارك على نار هادئة هو الهدف الجديد.
المستشار السياسي لعلي خامنئي، رحيم صفاوي، الذي كان قائد حرس الثورة، أوضح في الأسبوع الماضي أن الاستراتيجية الإيرانية هي استمرار تأييد نظام الأسد وتعزيز حزب الله من أجل أن يصبح القوة الفعالة في لبنان.
السعودية التي تقاطع لبنان، منشغلة الآن في حلمها الاقتصادي لعام 2030 ولا تقدم الحلول. وبهذا تلتقي مع واشنطن التي تستمر في تقديم مظلة سياسية فارغة وتتمسك بمطلب أن يقوم الأسد بإخلاء منصبه، دون تفصيل كيف تريد تطبيق هذا المطلب. ايضا لا توجد ضمانة للمعارضة بأن واشنطن ستحافظ على موقفها، حيث أن هدفها الاستراتيجي هو محاربة داعش، ومن حقق الانجازات في هذه الحرب هما النظام والاكراد.
لذلك تخشى المعارضة من أن يتحول الاسد إلى حليف لواشنطن، لا سيما على خلفية التقارير حول نية فتح معركة عسكرية واسعة في الرقة ودير الزور اللتين تأسست فيهما داعش.
النظام السوري من جهته يتصرف كالمعتاد. في فندق "لاميرا". في مدينة اللاذقية التي يسيطر عليها النظام، يجهزون عرض الموضة لربيع وصيف 2016 بمشاركة 70 شركة، اعلن البنك المركزي عن تغيير اوراق العملة التالفة وطلاب مدارس الصيدلة في سورية حصلوا هذا الاسبوع على علامات الامتحانات. أين سيعمل الخريجون، هذا سؤال آخر. الحياة تبدو جيدة بالنسبة للينا عربي، صاحبة حساب تويتر مشهور في سورية، التي نشرت صورا استثنائية للحياة الطبيعية. مثل الرحلات في الحدائق، وغروب الشمس والاودلا وهم يلعبون.
تتلقى لينا عربي انتقادات بأنها تخدم الاسد، لكنها لا تهتم. في حساب التويتر يمكن رؤية فيلم يصف اعمال متطوعي "الخوذ البيضاء" الذين يبحثون عن الجثث ويقومون بدفنها. هذا ايضا جزء من الحياة الطبيعية. رئيس المنظمة رائد صالح، كان من المفروض أن يحصل على وسام في هذا الاسبوع من الولايات المتحدة ولكن عند وصوله إلى الولايات المتحدة قيل له إن تأشيرته لاغية ويجب عليه العودة إلى تركيا التي جاء منها. حقيقة أن منظمته حصلت على 23 مليون دولار من وكالة الدعم الاميركية، لم تؤثر على سلطات الهجرة الاميركية.
بعد مرور أكثر من خمس سنوات على الحرب، فان الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة لا تقدم بشرى لمواطني سورية، ليس فقط لان المرشحين لم يقدموا خططا جدية لحل الازمة. الحقيقة هي أن لا أحدا منهم يتجرأ على ملامسة الازمة في سورية ولو بعصا طويلة.