بوفاته يوم 31 آب (أغسطس) من العام 2012، ترك الخبير العربي محمود الجوهري، فراغا كبيرا فيما يتعلق بمنصبه كمستشار ومخطط للكرة الأردنية الذي تسلمه يوم 29 أيلول (سبتمبر) من العام 2009، بعد فترة من الفراغ لمدة عامين، أعقبت تسلمه مهامه كمدير فني للمنتخب الوطني خلال الفترة من العام 2002 إلى العام 2007.
ومن دون شك فرض المدرب الراحل حضوره مع الكرة الأردنية، وكان من أبرز إنجازاته تحقيق حلم «النشامى» في الوصول إلى نهائيات كأس آسيا للمرة الأولى في تاريخه «الصين 2004»، وكذلك وصول منتخب الشباب إلى نهائيات كأس العالم للمرة الأولى «كندا 2007».
منذ العام 2012 وحتى اليوم، تسير كرة القدم الأردنية من دون تخطيط، فلم يستطع أحد إكمال مهمته، ويمكن القول إن الوصول إلى الملحق العالمي في تصفيات مونديال البرازيل 2014، وبلوغ نهائيات كأس آسيا- قطر 2011، كان امتدادا لمرحلة الراحل الجوهري، وأسهم في ذلك وجود المدرب العراقي القدير عدنان حمد، الذي ترك هو الآخر لمسات لا تنسى على «النشامى».
ما تحتاجه كرة القدم الأردنية هو «التخطيط» للمسابقات المحلية بمختلف أشكالها وفئاتها، وكذلك التخطيط للمنتخبات الوطنية بمختلف أعمارها، وهذا يتطلب وجود شخصية رياضية أردنية أو عربية، تفهم جيدا إمكانيات الكرة الأردنية وظروفها وتطلعاتها، وتُمنح كامل الصلاحيات لوضع الخطط مختلفة الأجل، وتستطيع أن تقدم عصارة خبرتها وفكرها لوضع الكرة الأردنية على الطريق الصحيح.
شاءت الأقدار أن أجلس مرارا مع المدرب الراحل محمود الجوهري، سواء عندما كان مديرا فنيا للمنتخب أو مستشارا ومخططا للاتحاد.. كان رحمه الله يتسم بالبشاشة وسعة الصدر وحب الخير والتواضع وتقبل الرأي الآخر بل واحترامه أيضا.
أذكر ذات يوم أن الراحل الجوهري وضع تصورات لشكل بطولة الدوري ربما كان ذلك قبل وفاته بعام.. كانت الفكرة مبنية على إصدار جدول الدوري واعتماد مبدأ «واحد ثابت»، وكتبت حينها أن ذلك التصور سيضع مواجهة الفيصلي والوحدات في وقت مبكر «ربما في الجولة الأولى أو الثانية»، وكانت ثمة مخاوف من أن يتم حسم صراع اللقب مبكرا وينخفض مستوى الدوري بانتهاء المنافسة.
اتصل بي الراحل وأخبرني أنه يريد الحضور إلى «الغد» لطرح وجهة نظره وتفسيرها بشكل مبسط أمام الناس.. حضر الرجل الكبير وجلسنا في «الكافتيريا» حتى نفسح المجال أمامه للتدخين كما يشاء.. حرص كل موظف في الجريدة على الحضور للسلام والتقاط الصور مع الراحل.
استمعنا لوجهة نظره ونقلنا له وجهة نظرنا، وللأمانة فإن الراحل احترم واقتنع بوجهة نظرنا، ولم يضع في حسبانه أنه مدرب يعرفه القاصي والداني وله اسمه، ولم يتعامل معنا باستعلاء ورفض، بل استجاب حين اقتنع بما طُرح عليه.
ملخص القول، إن سر نجاح الراحل الجوهري كان قربه من الناس واحترامه لنفسه وللآخرين وحصوله على فرصته وصلاحياته الكاملة للعمل بأجواء مثالية، وإذا أردنا «استنساخ» تجربة الجوهري فيجب أن نحسن الاختيار ونحضر شخصا لديه القدرة والرغبة في ذات الوقت لخدمة الكرة الأردنية.. رحمك الله أيها المدرب الكبير.