استيطان متزايد في ظل مفاوضات متعثرة

خلال أسبوع تقريبا، تعرضت باحات وساحات المسجد الأقصى لعدة انتهاكات. من أخطرها، الاقتحام الذي نفذه مستوطنون متطرفون يوم الأربعاء الماضي، برفقة النائب اليميني في الكنيست الإسرائيلي موشيه فيجلين. وجاء هذا الاقتحام بعد يوم واحد فقط من اضطرار الكنيست الإسرائيلي إلى صرف النظر عن مناقشة اقتراح تقدم به النائب المتطرف فيجلين، بسحب السيادة الأردنية عن المسجد الأقصى. وكأنه يقول (فيجلين) أنه مستمر في تدنيس المقدسات، ولن يتراجع عن مخططات تهويد المدينة المقدسة. اضافة اعلان
بالإضافة لذلك، قام مستوطنون متطرفون، بقيادة الحاخام المتطرف يهودا جليك، أول من أمس، بانتهاك حرمات المسجد الأقصى برفقة وحراسات وحمايات من عناصر الوحدات الخاصة بشرطة الاحتلال الإسرائيلي.
ومع أن الفلسطينيين في القدس يحاولون دائما، من خلال تواجدهم المستمر في باحات المسجد الأقصى، التصدي لقطعان المستوطنين، لمنعهم من تدنيس الحرم وساحاته، ولمنعهم من فرض أمر واقع يغيّر من المعطيات القائمة حاليا، إلا أن جهودهم الميدانية لن تتمكن من إفشال هذه المخططات الصهيونية التي تحتاج إلى جهود كبيرة، وعلى مستويات عدة. 
للأسف، فإن الاقتحام وانتهاك "الأقصى" تحولا إلى ممارسة يومية، بالرغم من الضغوط والاحتجاجات. ويظهر أن هذه الممارسات ممنهجة، وتسير بخط واحد مع محاولات إسرائيلية حثيثة لتهويد المدينة، مستغلة الأوضاع الداخلية للعديد من الدول العربية، وكذلك المفاوضات الفلسطينية-الإسرائيلية التي تجري برعاية أميركية. وتؤكد هذه الحقيقة الصحف ووسائل الإعلام الإسرائيلية. فعلى سبيل المثال، ذكرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، في عددها أول من أمس، أن "المفاوضات الجارية بين الفلسطينيين والإسرائيليين باتت تستغل غطاء لتهويد القدس المحتلة".
وأشارت الصحيفة نفسها إلى "الارتفاع غير المسبوق في أعداد البيوت المهدمة على يد الاحتلال في القدس منذ بداية العام الحالي"، مشيرة إلى أنه تم هدم 12 مبنى خلال شهرين فقط، منذ بداية العام الحالي، غالبيتها كانت مأهولة، وذلك مقارنة مع هدم 25 مبنى خلال العام الماضي بأكمله، وغالبيتها لم تكن مأهولة.
وتعزو الصحيفة هذا الارتفاع إلى غياب الضغوط السياسية على إسرائيل في ظل المفاوضات. كما تظهر المعلومات التي تتسرب عن المفاوضات ذاتها، أن واشنطن وإسرائيل تضغطان على السلطة الفلسطينية لفرض الأمر الواقع عليها فيما يتعلق بالقدس. وهذا الواقع فرضته إسرائيل من خلال المخططات والمحاولات التهويدية المستمرة، والتي تزداد وتيرتها هذه الأيام.
للأسف، مع أن الجميع يعي هذه الحقائق، ومدى خطورتها، إلا أن أحدا لا يحرك ساكنا، ويبقى الرد على ما تحدثه إسرائيل في المدينة المقدسة هو الشجب والإدانة والاستنكار، ولكنها لن تنفع في نهاية المطاف.

 

m1962swedan@