اسحبوه وعدّلوه أو أعيدوه

تصريحان ماليان لافتان صدرا عن الحكومة في أول أيامها؛ الأول أنها لن تغير شيئا على مشروع قانون موازنة 2011 الذي قدمته الحكومة السابقة لدى مجلس النواب، والثاني أنها بصدد إصدار ملحق موازنة للمشروع الذي لم يتم إقراره.

تعليقاتنا على مشروع موازنة 2011 وفرضياته برزت منذ قدمته الحكومة السابقة لمجلس النواب، وذلك لأهميته في الأردن أو في أي بلد آخر، لأنه يعبر عن فلسفة الحكومة، وطبيعة فهمها للمشاكل التي تواجه الأردن، ورؤيتها لعلاجها من خلال الموازنة العامة وهي وسيلتها لتحقيق أهدافها.

ونتساءل، هل درست الحكومة مشروع الموازنة للعام 2011 كفريق واحد واقتنعت به، أم أنه ثمرة اجتهاد الفريق المالي الذي استمر في الحكومة من الوزارة السابقة؟ وهل (400) مليون دينار لا تستحق تعديل المشروع ؟ وهل الحكومة مقتنعة باستمرار تحمل الهدر المالي والإداري والأعباء السياسية لمؤسسات مستقلة تمثل موازناتها 27 % من الإنفاق العام ؟ وهل الحكومة مقتنعة بقرار الحكومة السابقة بدمج بعضها وإلغاء بعضها الآخر؟ أم هي مقتنعة بأن لا إمكانية لتقليص عدد هذه المؤسسات وقيام الوزارات المعنية بأعمالها؟ وهل الحكومة، وعنوان مهمتها "الإصلاح السياسي" مقتنعة أن تبقي موازنات هذه المؤسسات بعيدة عن الرقابة التشريعية التي يقوم بها مجلس الأمة؟، وأهم ما يصدر عنه الموازنات المالية التي تحدد مصادر أموال الخزينة ومن يدفعها وكيفية إنفاقها وعلى ماذا ولمصلحة من ومدى عدالتها إيرادات ونفقات ؟ وهل الحكومة مقتنعة بأن عربة الإصلاح تسير على عجلتي الإصلاح الاقتصادي والإصلاح السياسي، ومشروع قانون الموازنة أصدق تعبيرا عنهما؟ وهل بقاء هذه المؤسسات بموازناتها كما هي الآن يحقق الرضا الوطني الإجمالي؟.

أسئلة كثيرة، خاصة عندما يتساوى معدل البطالة بين شباب الأردن مع مثيله في تونس وليبيا (27 %) حسب الغارديان البريطانية ( 15/2 )، وتخفض مؤسسات التصنيف الائتماني العالمية تصنيف الأردن للمرة الثانية خلال سنة بسبب البطالة والفقر والتضخم والفساد والتوتر السياسي الداخلي، ويعلن رئيس البنك الدولي كيف دفع ارتفاع أسعار الغذاء بملايين البشر الجدد إلى حافة الفقر المدقع، وتسدد الحكومة التزامات "مؤسسة موارد" التي لم يصدر شيئا بخصوصها حتى الآن، والتزامات تمثل 75 % من الموازنة لا يمكن تعديلها، نتساءل ألم تغير أحداث تونس ومصر والبحرين من قناعات الحكومة لتبقي على مشروع قانون الموازنة وموازنات المؤسسات المستقلة من دون تغيير؟ إذ يصعب فهم تصريحاتها المالية في سياق نهج الإصلاح، بينما يدفع المواطن عجز كليهما، ما يدفعه للشارع صارخا أو معتصما.

اضافة اعلان

تصريحات الحكومة المالية لا تأخذ ما يمر به الأردن وما يتفاعل في الإقليم مأخذ الجد، وبقاء مشروع موازنة 2011 والمؤسسات العامة بعددها وموازناتها كما هما، وكلاهما برنامجها ووسيلتها لتحقيق أهدافها، لا يحقق الإصلاح السياسي والاقتصادي المنشود، وإذا كانت رؤية الحكومة ورهاناتها مثل رؤية سابقتها ورهاناتها، فلماذا تغيرت إذن؟.

[email protected]