عمان-الغد- صدر أخيرا في بيروت كتاب بعنوان "التداولية عند العلماء العرب" للباحث مسعود صحراوي، حيث يسعى المؤلف إلى توضيح كيفية استثمار أبرز مفاهيم التداولية، وتحديداً مفهوم الفعل الكلامي، في قراءة الموروث اللساني العربي عبر حقول معرفية متعددة، كعلم البلاغة، وعلم أصول الفقه وعلم النحو.
وينطوي الكتاب على هذه الفصول، الجهاز المفاهيمي للدرس التداولي المعاصر، معايير التمييز بين الخبر والإنشاء في التراث العربي، تقسيمات العلماء العرب للخبر والإنشاء، الأفعال الكلامية عند الأصوليين، الأفعال الكلامية عند النحاة. وثمة فهرس علمي دقيق للمصادر والمراجع.
ويناقش الكاتب، على نحو من مجهود علمي متميز، بأن الأفعال الكلامية، هي مفهوم يقع في موقع متميز من هذا المذهب اللساني الجديد في تصدر المعاصرين. كما يشكل جزءاً أساسيا من بنيته النظرية، بتصريح العلماء في الغرب.
كما يبين كيف أن ظاهرة الأفعال الكلامية قد جرى بحثها بعمق في تراثنا العربي ضمن نظرية الخبر والإنشاء، واشتغل ببحثها عدد كبير من العلماء. ومن ثم صار متعيناً على من يدرسها أن يتتبع أصولها وتطبيقاتها في مؤلفات عدد من العلماء الموهوبين الذين أسسوا هذه الظاهرة في التراث، ومن بينهم: الجرجاني وسيبويه وسواهما ممن ذكروا آنفاً, وكيف أن التداولية تشكل الأساس المعرفي لنظريات لسانية معاصرة منبثقة منها، من أبرزها: نظرية النحو الوظيفي وسواها.
ومع ذلك، فإن مفهوم الفعل الكلامي لا يتضح إلا بالرجوع إلى الإطار النظري لما يسمى الأفعال الكلامية للفيلسوف المعاصر (ج.ل. أوستين)، وطورها من بعده الفيلسوف (ج. سيرل). ومفاد ما جاء به هذان المفكران، هو أن التصرف، أو العمل، الاجتماعي أو المؤسساتي الذي ينجزه الإنسان بالكلام، أمر يتعلق مباشرة بالفعل الكلامي.
