د. هيثم أبو كركي
درسنا في كلية الحقوق أن الجهل بالقانون لا يعد عذرا، أي انه لا يجوز لأي كان أن يتذرع بجهل وجود قانون ما ومخالفته بحجة عدم علمه بوجود القانون، فأسقط القانون هذه الحجة بنص واضح صريح ، إلا ان الكثير من الحالات العملية والتي تعج بها حياتنا اليومية لم يحصل أصحاب الحقوق على حقوقهم لأنهم فعلا كانوا يجهلون بوجود هذه الحقوق أو كانوا يجهلون كيفية تحصيلها، فكم من الحقوق ضاعت على أصحابها لهذه الاسباب وهو ما قد يتوافق مع منطق القانون إلا انه قد لا يتوافق مع منطق العدالة، والتي تستلزم لتحقيقها معرفة كل ذي حق بحقه.
يمكن ان يعود السبب في ذلك الى أننا في كثير من الاحيان لا نتابع التفاصيل ولا نعيرها الاهتمام الكافي ولا نقرأ في كثير من الاحيان الشروط التفصيلية والنقاط المرجعية – والتي غالبا ما تكون مغرقة في التفصيل- لعدة اعتبارات، ويمكن ان يكمن السبب الثاني في اعتمادنا على السؤال المباشر كوسيلة للحصول على المعلومة و في كلتا الحالتين خطورة كبيرة خصوصا إن كان السؤال لغير ذوي الاختصاص، وفي أحيان كثيرة قد يؤدي سؤال غير أصحاب الاختصاص الى أضرار جسيمة فلا بد أن تستقي المعلومة من مصدرها الصحيح.
ومن هنا فلا بد من ايجاد برامج توعوية تعرف أصحاب الحقوق المختلفة بحقوقهم، وقد تأخذ هذه البرامج اشكالا مختلفة بهدف ايصال المعلومة فمن الكتيبات المبسطة الى محاضرات قصيرة الى برامج اذاعية او تلفزيونية تتناول في كل حلقة موضوعا من المواضيع ذات الاهتمام المجتمعي والتي تهم احدى شرائح المجتمع المختلفة وتقوم بتسليط الضوء على ابرز النقاط الشائكة في هذا الموضوع، وقد تكون على شكل منشورات او افلام قصيرة على شبكة الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي التي بات انتشارها إحدى سمات العصر لمعالجة مواضيع محددة كثر السؤال عنها.
إن التوعية القانونية تعد خطوة سباقة رائدة في عملية ادارة المخاطر التي تهدف الى منع المخاطر قبل حدوثها بالدرجة الاولى وبالتالي ستساهم في تخفيف الضغط على الجهاز القضائي وما يسانده من اجهزة وتتيح لأصحاب الحقوق والواجبات معرفة ما لهم وما عليهم بشكل واضح جلي، مما سيساهم في نشر ثقافة الوعي من جهة ومن جهة أخرى في التخفيف على المواطن من خلال الحفاظ على وقته وجهده، وفي هذا الاطار لا بد من تحية لكل المؤسسات التي أخذت على عاتقها زمام المبادرة وباشرت بنشر منشورات او فيديوهات قصيرة تشرح وتوضح بعض ما استشكل على المواطنين من مسائل فالمعرفة تشكل السلاح الامضى في عصر باتت السرعة والتطور من أهم سماته، ونتطلع الى برنامج وطني شامل للتوعية القانونية يضم على سبيل المثال مواضيع مثل العمل والضمان الاجتماعي وقانون العقوبات والتنفيذ القضائي والاوراق التجارية وغيرها.
- باحث زائر بجامعة وسترن أونتاريو كندا
