اقتصاديون : تآكل الطبقة الوسطى ينذر بعواقب وخيمة

مواطنون في منطقة وسط البلد - (أرشيفية)
مواطنون في منطقة وسط البلد - (أرشيفية)

سماح بيبرس

عمان- دقَّ خبراء اقتصاد ناقوس الخطر بعد أن أظهرت أحدث الإحصاءات الرسمية تآكل الطبقة الوسطى التي تعتبر وفقا للعرف الإجتماعي والاقتصادي "صمام أمان المجتمع".اضافة اعلان
وحذر هؤلاء من التداعيات السلبية التي سيخلفها تآكل هذه الطبقة على المجتمع ككل وعلى رأسها احتمال تفشي العنف والجريمة  بينما سيتمثل الأثر الاقتصادي بتراجع الطلب والإنتاج وبالتالي تراجع النمو.
وفي الوقت الذي يشير فيه خبراء إلى أن هذه الطبقة لم تتقلص وإنما طرأ عليها اختلالات في مستويات الدخل ضمن نفس الطبقة، يشير آخرون الى أنّ المعطيات جميعها تشير الى أنّ هذه الطبقة تتآكل ما يعني بالضرورة زيادة الطبقة الفقيرة في المجتمع.
ويذهب البعض الى أنّ الآلية التي تتبعها الحكومة في تصنيف الطبقات تقلل من وضوح الأرقام  ودلالتها.
وكانت أرقام رسمية صادرة عن دائرة الاحصاءات العامة؛ التي اعتمدت عليها في استخراج أرقام الفقر لعام 2010 ؛ أكدت أن الطبقة الوسطى شكلت في 2010 حوالي 29.31 % من سكان المملكة مقارنة مع ما مجموعه 41.1 % العام 2008.
وزير تطوير القطاع العام السابق ماهر مدادحة أكد أنّ ما يحصل في المجتمع هو "اختلال في مستويات الدخل داخل الطبقة الوسطى نفسها" بدون أن يكون هناك تقلص في حجمها.
وأوضح أن تركيبة الدخول انخفضت بشكل سلبي لكن ما يزال ممن هم ضمن الطبقة الوسطى ضمن هذه الطبقة، لكنّ هذا وفق المدادحة له دلالة خطيرة وهي أن هؤلاء من الممكن أن يتحولوا الى الطبقة الفقيرة بكل سهولة.
ويرجع المدادحة أسباب هذا الاختلال الى عدم وجود نمو اقتصادي يوفر فرص عمل إذ ما يزال النشاط الاقتصادي ضعيفا، كما أن سياسات الحكومة في تخفيض الانفاق وزيادة الضرائب ساهمت  وستساهم في تقليص الطبقة الوسطى.
أستاذ الاقتصاد وأمين عام الحزب الشيوعي منير حمارنة أكد أن هذا الرقم  يعكس خطورة كبيرة خصوصا أنه يعطي دلالة على أنّ نسب الفقر في ارتفاع وهذا يكشف التمايز الطبقي الذي بات يحصل في المجتمع والذي ينعكس سلبا وبشكل خطير على المجتمع؛ مشيرا الى أنّ تآكل الطبقة الوسطى يعني زيادة الجريمة والمشاكل الاجتماعية.
وأشار إلى أن تآكل الطبقة الوسطى يعني بالضرورة سوء التوافق وحصول حالة من عدم التوازن بين الدخل والمستوى المعيشي.
واعتبر أستاذ الاقتصاد قاسم الحموري أن من أخطر القضايا التي يواجهها الاقتصاد الاردني تآكل الطبقة الوسطى، مشيرا الى أنّ تقلص هذه الطبقة يعني تراجع الابتكار وتراجع العمل المنتج وبالتالي تراجع النمو لأنّ الطبقة الوسطى هي من يقوم عادة بهذا الانتاج.
وأضاف الحموري الى أنّ تراجع الطبقة الوسطى يعني تراجع الطلب العام ما ينذر بركود اقتصادي وهذا بدوره ينعكس على كل الطبقات الغنية والمتوسطة والفقيرة وحتى على الحكومة.
وأكد أنه من مصلحة جميع الطبقات إعادة النظر بالطبقة الوسطى واحيائها وانعاشها، وذلك من خلال اعادة النظر في السياسة الضريبية الحالية التي تساهم بشكل كبير في تراجع حجم هذه الطبقة.
وأوضح أن أكثر المتضررين من هذه السياسة هم في الدرجة الدنيا من الطبقة الوسطى  وتحديدا من ضريبة المبيعات التي تهدد بسقوطهم من هذه الطبقة الى الطبقة الفقيرة.
وألمح الحموري الى أن اتباع الحكومة لآلية تصنيف المجتمع الى 4 طبقات فيها خداع وعدم اعطاء الدلالة الصحيحة للأرقام.
وكانت دراسة الطبقة الوسطى قد أشارت الى أنّ هذه الطبقة تجني ما نسبته 37.5 % من اجمالي الدخل، وتنفق 42.8 % من اجمالي الانفاق، وهي تمتاز بعدة سمات أهمها نسبة الحاصلين على شهادة  الثانوية فأعلى تشكل ما نسبته 41.9 % من الطبقة الوسطى مقارنة مع 47.6 % في العام 2008، منهم 17.2 % حاصلون على الدرجة الجامعية الأولى فأعلى.
وبلغت نسبة العاملين بأجر من هذه الفئة 70.6 % في العام 2010 مقابل 70 % العام 2008، في حين تبلغ نسبة أرباب العمل 12 والعاملون لحسابهم
16 % مقارنة بعام 2008 حيث بلغت نسبة ارباب العمل 16.2 % والعاملين لحسابهم 13.6 %.
ويشكل المهنيون والفنيون الذين يعملون بأجر 27 % من حجم الطبقة الوسطى مقارنة بنسبة 37.2 ٪ في العام  2008 .