اقتصاديون للحكومة: اسحبوا مشروع "البيئة الاستثمارية"

ندوة مجالس الغد حول مشروع قانون البيئة الاستثمارية - (تصوير: ساهر قدارة)
ندوة مجالس الغد حول مشروع قانون البيئة الاستثمارية - (تصوير: ساهر قدارة)

خبراء: لا يمكن مواجهة البطالة إلا من خلال الاستثمار

سماح بيبرس، رهام زيدان، طارق الدعجة، هبة العيساوي، محمد أبوالغنم – أوصى خبراء اقتصاديون بإعادة النظر في مشروع قانون تنظيم البيئة الاستثمارية بهدف تجويده وزيادة فاعليته في جذب المستثمرين إلى المملكة.

كما أوصوا، خلال ندوة خاصة نظمتها مجالس “الغد”، بضرورة إعطاء صلاحيات مطلقة لمجلس الاستثمار باتخاذ القرارات المتعلقة بالمستثمرين ومشاريعهم القائمة أو المزمع إنشاؤها، بدلا من التنسيب بهذا الشأن لمجلس الوزراء للمصادقة. كما أشاروا إلى أهمية جعل المملكة منطقة تنموية بالكامل تخضع لحوافز للمستثمرين مع إعطاء حوافز إضافية في المحافظات لتقليص نسب البطالة وتوزيع مكتسبات التنمية بعدالة.

وطالب الخبراء الحكومة بضرورة سحب مشروع القانون من مجلس النواب باعتباره لا يخدم الأردن استثماريا ولا يتواءم مع مخرجات رؤية التحديث الاقتصادي التي تم اطلاقها اخيرا والتي ترتكز بشكل أساسي على جذب الاستثمارات لتحقيق أهدافها.

ودعوا إلى ضرورة الابقاء على الاعفاءات والحوافز المقدمة للمناطق التنموية كما هي وعدم رهنها بسنوات محدودة. مشددين على اهمية اعفاء مدخلات الانتاج من الضرائب في جميع مناطق المملكة.

واكد الخبراء، خلال الندوة، أن مشروع القانون لم يعالج الثغرات والمعيقات التي تواجه بيئة الأعمال والاستثمار بالمملكة بل اعتبروه بمثابة خطوة للوراء بعد تقييد الحوافز والاعفاءات وإلغاء النافذة الاستثمارية، محذرين من هجرة المستثمرين و”تطفيشهم” الى دول مجاورة في حال بقاء مشروع القانون بصياغته الحالية.

وشددوا على ضرورة العمل على تحسين وتجويد قانون الاستثمار الحالي والبناء عليه بدلا من مشروع القانون الحالي الذي لم يعالج تكاليف الانتاج وتبسيط الإجراءات على المستثمرين.

ويرى الخبراء أن مشروع القانون لا يرتقي الى الطموح، متسائلين من الذي صاغ المشروع الذي يفتقر لجوهر تحفيز الاستثمار ويبتعد عن آليات علاج تحديات بيئة الأعمال.

الور: هيئة الاستثمار أصبحت حقل تجارب بتغير مسمياتها

رئيس هيئة الاستثمار الأسبق ثابت الور قال إن قانون الاستثمار المعمول به حاليا يخدم المملكة استثماريا، مبينا ان التحديات والثغرات الموجودة والتي ظهرت بالتطبيق الفعلي نستطيع ان تجاوزها.

وتساءل الور، هل نحن بحاجة الى قانون استثمار جديد في ظل وجود قانون حالي يمكن العمل على تحسينه وتطويره؟ مشددا على أهمية البناء على النجاحات وعدم تكرار الأخطاء السابقة.

وقال إن هيئة الاستثمار أصبحت حقل تجارب بتغير مسمياتها وهذا موضوع خطير وحساس بالنسبة للمستثمر، ولا يمكن مواجهة البطالة والتخفيف منها الا من خلال الاستثمار.

واوضح ان قانون الاستثمار المعمول به حاليا بجميع انظمته البالغ عددها 22 نظاما ومع الجهاز الوظيفي ودمج المؤسسات المعنية يستطيع ان يلبي احتياجات المملكة بعد معالجة الثغرات والتحديات التي ظهرت بعد التطبيق الفعلي لها.

[caption id="attachment_1210889" align="alignleft" width="486"]رئيس هيئة الاستثمار الأسبق ثابت الور رئيس هيئة الاستثمار الأسبق ثابت الور[/caption]

الور: مشروع القانون لا يحقق أهداف رؤية التحديث الاقتصادي

وقال الور “من ينكر الانجازات التي تحققت بالفترة السابقة بما يخص بيئة الاستثمار يعتبر غير منصف”، مشيرا الى معالجة العديد من القضايا الاستثمارية بموجب القانون الحالي وانظمته خصوصا فيما يتعلق بقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والفروع الانتاجية والمناطق المستهدفة لجذب الاستثمار لها.

وبين “نحن ضد معالجة قطاع معين، فالأصل أن نعمل على بيئة العمل بشكل كامل بحيث تكون بمثابة ملعب مستوٍ للجميع، مؤكدا ضرورة البناء على نجاحات القانون الحالي”.

واوضح ان الاسم الذي حمله مشروع القانون غير موفق (تنظيم بيئة الاستثمار)، مبينا ان قانون الاستثمار الحالي يحمل مسمى اقوى (الاستثمار)، حيث تم ترويجه في دول افريقية مثل كينيا وتنزانيا واوروبا والهند والدول العربية ودول الخليج حيث تم بذل جهد كبير في سبيل ذلك.

واعتبر الور ان كل عمليات التجميل التي تجرى حاليا لن تجدي نفعا بالخروج بقانون عصري يحقق الاهداف النبيلة والسامية التي وردت في رؤية التحديث الاقتصادي التي تم اطلاقها مؤخرا، مؤكدا ان مشروع القانون الحالي لن يساعد في تحقيق اهدافها.

وطالب الور بسحب مشروع القانون من مجلس النواب، لافتا إلى ان الحكومة تمتلك المرونة للقيام بذلك خدمة للبلد، مشددا على ضرورة إعادة دراسة القانون الحالي من خلال الجهات ذات العلاقة.

وتأتي مطالبة الور بسجب مشروع القانون لعدة اسباب منها، انه تم إضاعة 4 سنوات بعد اقرار القانون الحالي من اجل انجاز التعليمات والانظمة ما يعني ان مشروع القانون الحالي بعد اقراره يحتاج الى نفس الوقت من اجل إنجاز التعليمات والانظمة التي ستصدر بموجبة، ما يعني تأخير تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي الى حين اصدار تلك التعليمات والأنظمة.

واكد ان الأردن لا يمتلك ترف اضاعة الوقت في ظل ما يشهد العالم من متغيرات متسارعة في مجال جذب وتحفيز الاستثمارات، مؤكدا اهمية البناء على القانون الحالي واشراك المجتمع المحلي والبلديات اكثر بالقرار الاستثماري.

الساكت: مشروع القانون لم يعالج تكاليف الإنتاج والإجراءات

من جهته، اعتبر الخبير الاقتصادي والمستثمر بالقطاع الصناعي موسى الساكت أن مشروع قانون تنظيم البيئة والاستثمار المعروض امام مجلس النواب لم يعالج تكاليف الانتاج وتبسيط الاجراءات على المستثمرين.

وقال الساكت “إن مشروع القانون لا يرتقي الى الطموح ومن قام بصياغة بنوده تنقصه الخبرة لأنه لم يعالج التحديات التي تواجه بيئة الاعمال والاستثمار بالمملكة”.

[caption id="attachment_1210888" align="alignleft" width="519"]الخبير الاقتصادي والمستثمر بالقطاع الصناعي موسى الساكت الخبير الاقتصادي والمستثمر بالقطاع الصناعي موسى الساكت[/caption]

واضاف “الاصل البناء على السابق والتعلم من الاخطاء وقصص النجاح”، مبينا ان الاستثمار في اي دولة يتوقف على عوامل عدة منها تكاليف الانتاج وموضع البيروقراطية بما يتعلق بسهولة منح التراخيص والعملية الاستثمارية.

وأكد الساكت ان مشروع القانون لم يعالج تكاليف الانتاج وتبسيط الاجراءات على المستثمرين، مبينا ان ضريبة الدخل في المناطق التنموية ستتضاعف خلال سبع سنوات لتصل الى 20 % بموجب مشروع القانون الحالي.

وبين الساكت ان المناطق التنموية وجدت من اجل تنشيط المناطق النائية وتوزيع مكتسبات التنيمة بعدالة وتوفير فرص العمل لساكنيها من خلال جذب الاستثمارات اليها، مشيرا الى ان هنالك تناقضا كبيرا بهذا الخصوص وسيؤدي الى اغلاق المصانع داخلها.

وتساءل الساكت، اين المشاريع ذات الميزة التنافسية؟ عندما يأتي المستثمر للبحث عن الميزة التنافسية، حيث لم يتطرق مشروع القانون والتسهيلات المقدمة لها.

ولفت الى ان حوافز الاستثمار بقانون الاستثمار الحالي تلقائية وضمن جداول واضحة، بينما تم شطبها بمشروع القانون الحالي وهذا الامر يتصدر اهتمام اي مستثمر عندما يقرر اقامة مشروع في بلد معين.

وقال الساكت ان وجود وزير المالية بصفته الوظيفية في لجنة الحوافز ضمن مشروع القانون يتضمن تعارضا بالأهداف، مشيرا الى عدم وجود ذكر للقطاع الخاص ضمن هذه اللجنة.

وبين أن مجلس الاستثمار الذي سيرأسه رئيس الوزراء وعدد من الوزراء من الفريق الاقتصادي ضمن مشروع القانون “فاقد للأنياب”، متسائلا هل يعقل ان يجتمع المجلس ثم ينسب قراراته الى مجلس الوزراء للموافقة عليها؟. مؤكدا ان ذلك تعزيز للبيروقراطية.

واضاف الساكت “متى نتعلم من التجارب السابقة ونناقش مشروع القانون منذ البداية وألا تأتي التعديلات بعد خروجها من ديوان التشريع والرأي”، مشيرا الى ان بقاء صياغة القوانين بغرفة مغلقة من قبل طرف واحد لن يوصلنا الى قانون يلبي الطموح ويجب ان تتم مناقشة صياغة القانون بتشاركية حقيقية مع مختلف الجهات المعنية من القطاعين العام والخاص.

ولفت الساكت الى أن مشروع القانون يخضع مدخلات الانتاج لضريبة المبيعات وهذا يزيد من الاعباء وكلف الاستثمار الامر الذي يتعارض مع اهم مخرجات رؤية التحديث الاقتصادي في توفير 100 الف فرصة عمل سنويا.

الساكت: جعل الأردن منطقة تنموية واحدة ضرورة ملحة

وطالب الساكت بضرورة اعطاء صلاحية مطلقة لمجلس الاستثمار في اتخاذ القرارات كونه بمثابة مجلس وزراء مصغر ولا يعقل ان يتم التنسيب لمجلس الوزراء بقراراته للمصادقة عليها.

وشدد على ضرورة الابقاء على الاعفاءات والحوافز المقدمة للمناطق التنموية كما هي، مؤكدا ان الغاء هذه المزايا سيدفع العديد من المصانع داخل هذه المناطق للخروج منها بعد 7 سنوات بسبب تأطير الحوافز بهذه المدة.

وطالب بضرورة اعطاء الحوافز للمشاريع التي لها قيمة مضافة عالية والتي تسهم في نقل التكنولوجيا والريادية اضافة الى المشاريع التي توظف السيدات وربط ذلك بالتشغيل بالمناطق الاعلى بنسب البطالة.

ولفت الى اهمية اعفاء مدخلات الانتاج من الضرائب في جميع مناطق المملكة، مؤكدا ان الغاء ضريبة الدخل على الصادرات كان بمثابة الكارثة على القطاع الصناعي خصوصا وانها ستصل الى 20 % في عام 2024 وهذا سيدفع العديد من المصانع نقل استثماراتها خارج الأردن مشددا على ضرورة جعل الأردن منطقة تنموية واحدة.

العمري: مشروع القانون لم يأت بجديد ولم يعالج الثغرات

بدوره، قال أمين عام هيئة الاستثمار الأسبق مخلد العمري إنّ مشروع القانون الجديد كان من المفترض أنه جاء ضمن مرحلة جديدة فيها متطلبات جديدة ووضع اقليمي وعالمي وتغيرات، آخرها “رؤية التحديث الاقتصادي”، كما أنّه جاء في ظل وجود قانون قديم فيه الكثير من الثغرات وعليه عدة ملاحظات حيث لم يكن يلبي الحاجة التي وجد من أجلها أصلا.

وقال ان مشروع القانون الجديد لم يأت بالجديد ولم يعالج الاختلالات والثغرات في القانون القديم، كما أنّه لم يتقاطع مع رؤية التحديث الاقتصادي.

وأضاف العمري أنّ الانتقاد الدائم للأردن في مجال الاستثمار كان “عدم استقرار البيئة التشريعية” بسبب تغير القوانين والأنظمة بشكل مستمر، حيث أنّها تؤثر على المستثمرين ومشاريعهم، مشيرا الى أننا اليوم ومع هذا القانون كرسنا ذلك خصوصا وأنّ القانون الذي سبق لم يمر عليه سوى 7 سنوات، في حين أنّ القانون الجديد لم يعالج النواقص التي عانى منها القانون القديم.

[caption id="attachment_1210885" align="alignleft" width="521"]أمين عام هيئة الاستثمار الأسبق مخلد العمري أمين عام هيئة الاستثمار الأسبق مخلد العمري[/caption]

وتساءل العمري هل عالج مشروع القانون الجديد أوجه القصور التي وجدت في القانون القديم؟ وهل أدرجت مسوغات القانون ضمن مواده فعلاً؟ وهل هناك جديد في هذا القانون بشكل يؤثر على بيئة الاعمال والاستثمار؟ خصوصا وأنّه ليس القانون الوحيد الناظم لبيئة الاعمال والاستثمار ويتقاطع مع حوالي 40 قانونا آخر.

وأجاب العمري لم يأت هذا القانون بشيء جديد ولم يأت بما نحتاج اليه، وأشار الى أنّ كل آلية التشاور التي تمت على هذا القانون كانت خاطئة ونحن بحاجة الى مرجعية قانونية حتى تراجع القانون، وتأخذ بالأخطاء التي كانت موجودة في القوانين القديمة لضمان عدم تكرارها.

وقال انّ اعداد القانون يجب أن يتم ضمن علمية ومنهجية واضحة تبدأ بالتشاور مع القطاع الخاص وأصحاب العلاقة ومن ثم عمل القانون ليتم فيما بعد أخذ التغذية الراجعة والتشاور مرة أخرى، وبما يعكس رأي وملاحظات القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني والجهات الدولية والمانحة وذات العلاقة.

وأكد أنّ مشروع القانون وبصيغته الحالية سينعكس سلبا على برامج المساعدات والمشاريع التي تتم بالتعاون مع الجهات المانحة والبنك الدولي.

العمري: ضرورة تجويد مشروع القانون ليفي بالغايات

وأضاف أن قانون الاستثمار القديم كان يعاني من تعدد المرجعيات والقانون المقترح لم يعالج هذا ولم يوحد المرجعيات، كما أنّه لم يراع القوانين الأخرى مثل (قانون الجمارك قانون الضريبة قانون الاموال المنقولة وغير المنقولة والقوانين الاقتصادية.

وأشار العمري الى الانتقادات بأن القانون الجديد غير مسمى “النافذة الاستثمارية”، وهذا اعتبر تغييرا إلا أنّ الحقيقة أنه لم يغير شيئا فالمشكلة ليست بالمسميات، كما لم تتم معالجة تعدد آليات الرقابة والتفتيش ولم يحد منها ولم يوجد منظومة جديدة للحد منها.

وأضاف لم يعالج مشروع القانون تعدد المرجعيات وتعدد الصلاحيات بل على العكس كرس المركزية أكثر خصوصا فيما يتعلق بتواجد وزير المالية داخل لجنة الحوافز، معتبراً أنّ هذا فيه تضارب في المصالح، مشيرا الى أنّ التضارب مع القوانين الاخرى يؤدي الى خلق مشكلة اجتهاد ومزاجية لدى الموظف والتي قد تعطل استثمار.

وقال العمري “على الحكومة ان سحب هذا القانون أو على مجلس النواب ان يرده، لأن أبجديات الاقتصاد غير موجودة في هذا القانون، كما أنّ الغاية من وجوده فعليا غير متوفرة في مواده وخصوصا فيما يخص الحوافز الاستثمارية، وتعدد مرجعيات الرقابة.

وقال إنّ الفرصة الأخيرة اليوم أن نحسن من هذا القانون قبل اقراره ونجود فيه بما يفي بالغرض المطلوب، مؤكدا على أنّ قانون الاستثمار يجب أن يكون قانونا شاملا blanket Law يدخل تحته معالجة جميع الأمور من منافسة وجمارك وحوافز ويتم من خلاله معالجة التضارب مع القوانين الأخرى.

حجازي: لجنة للحوافز تزيد من ضبابية المشهد بالنسبة للمستثمرين

مدير جمعية رجال الاعمال الأردنيين طارق حجازي يرى أن مشروع القانون الحالي لا يحقق النتائج الموجود في رؤية التحديث الاقتصادي بمحركاتها للاستثمار نتجة عدم وجود الحوافز والعديد من الاجراءات التي لا تهم المستثمر في مشروع القانون.

وضرب حجازي مثلا على البنود التي لا تهم المستثمرين حيث قال ان المادة 41 الى 43 من مشروع القانون الحكومة تتحدث مع بعضها بعضا فيما يتعلق بالتراخيص وعمل مؤسساتها.

ولفت الى ان مشروع القانون سوف يتضمن اصدار 13 نظاما وهذا يخلق ضبابية خصوصا فيما يتعلق بالحوافز، مبينا ان الأردن يدخل مئوية الثانية وما يزال الحديث عن اتمتة الخدمات.

[caption id="attachment_1210892" align="alignleft" width="494"]مدير عام جمعية رجال الأعمال الأردنيين طارق حجازي مدير عام جمعية رجال الأعمال الأردنيين طارق حجازي[/caption]

وقال إن جمعية رجال الأعمال الأردنيين تتطلع إلى وجود قانون استثمار عصري يواكب أهم المتطلبات الاستثمارية على المستوى الاقليمي ويساهم في تحفيز الاستثمار وجذبه وتشجيع المستثمرين على المستوين المحلي والعربي وكذلك الدولي على توجيه استثماراتهم بكل ثقة نحو الأردن.

وعرض حجازي ابرز ملاحظات الجمعية على مشروع القانون في مقدمتها أن وجود لجنة للحوافز والإعفاءات المشكلة بموجب أحكام القانون، يزيد من ضبابية المشهد بالنسبة للمستثمرين ويفتح باب الاجتهاد وتدخل العلاقات الشخصية لمنح الحوافز من عدمه. وهو الأمر الذي يعمل على عدم قيام المستثمر بالتفكير بالاستثمار في المملكة.

وقال “من المفترض ان تكون الحوافز الاستثمارية واضحة في نصوص القانون خاصة وأن المستثمر يتطلع لتحقيق عائد مجد من استثماراته وتحديد الحوافز بوضوح وذلك لتجنب عزوف المستثمرين عن الاستثمار وتسهيل الإجراءات المتعلقة بالاستثمار مؤكدا اهمية ربط الإعفاءات والحوافز بالتشغيل والاستثمار في المحافظات الأمر الذي سيكون له تأثير إيجابي في خلق وظائف جديدة والتخفيف من معدلات البطالة إلى جانب نمو وتطوير المحافظات من خلال توجيه الاستثمارات اليها للاستفادة من تلك الحوافز”.

ولفت حجازي الى ان إلغاء النافذة الاستثمارية الواحدة بغض النظر عن خلق مسميات أخرى هي عنوان الاستثمار في أي قانون، فهي حجر الأساس في عملية بناء مؤسسي ناجح يتم بموجبه استقطاب الفرص الاستثمارية وتوزيعها، وعليه يتطلب الأمر تفعيل الارتباط المؤسسي فيما بين وزارات ومؤسسات الدولة ذات العلاقة ومن خلال شبكة من العلاقات الإدارية لتسريع انجاز المعاملات، فهي الحل المجدي لتجاوز الروتين وتنظيم العمل بالشكل الأمثل خوصا وان وجودها امر مهم في تحسين المناخ الاستثماري لجذب وتوزيع الاستثمار في القطاعات التي يمكن أن تولد فرصة للعمل في نطاق واسع في المملكة.

حجازي: النافذة الاستثمارية مهمة لتحسين بيئة الأعمال

واشار الى ان مشروع القانون اضاف تعريفا جديدا لصندوق الاستثمار وهو الصندوق الذي يقوم بالاستثمار وتمويل الأنشطة الاقتصادية في الشركات، كما عرف صندوق الاستثمار المشترك المنشأ وفقأ لأحكام قانون الأوراق المالية، وهو ما يخلق تضارب مع تطبيق وآلية عمل هذه الصناديق المشار إليها في قانون الأوراق المالية رقم (18) لسنة 2017، والذي عرف الصندوق بأنه مجموع القيم الاسمية للوحدات الاستثمارية في الصندوق ولم يمنحه أي اعفاءات أو مزايا بعكس ما ورد في تخوف المادة (13/د) من مشروع القانون من ازدواجية الاعفاءات.

وقال ان المادة (4/أ) من مشروع القانون أعطت الحق للمستثمر الاستثمار في المملكة بالتملك الكامل أو المشاركة أو المساهمة في أي نشاط اقتصادي، باستثناء الأنشطة المقدية بمتقضى نظام. ولم تبين هذه المادة هل المقصود نظام تنظيم استثمارات غير الأردنيين المعمول به أو أنه بمتقضى نظام يصدر لهذه الغاية. والأهم من ذلك هو تحديد القطاعات التي يحق للمستثمر الاستثمار بها لإزالة أي ضبابية أخرى تواجه المستثمر.

واضاف حجازي “بالرغم من الدراسات العديدة التي أعدتها جمعية رجال الأعمال الأردنيين والمتضمنة أن يكون الأردن منطقة تنموية واحدة، تضمن مشروع القانون العديد من المناطق التنموية والحرة والأقل نمواً، والتي تخلق لدى المستثمر التخبط في قراره الاستثماري وتعدد دراسات الجدوى لكل منطقة”.

المجالي: إعادة هندسة إجراءات الاستثمار بتشاركية تامة

من جهته، قال رئيس جمعية سيدات ورجال الأعمال المغتربين الأردنيين فادي المجالي إنه وبحكم خبرتنا في الاستثمار منذ سنوات، تساءلت كثيرا من الذي صاغ هذا القانون ودخلت في أروقة وزارة الاستثمار واكتشفت أن الوزارة لم يصدر منها مع أنها الجهة المعنية.

وأضاف المجالي أن هذا السؤال مهم جدا ويجب أن نجيبه حتى نعرف حجم الكوارث التي وردت في هذا القانون.

وقال “أنا اعتقد اليوم أن ابقاء العمل على قانون الاستثمار الحالي لعام 2014 هو افضل بكثير من اللجوء الى القانون الجديد مع اجراء التعديلات اللازمة التي نعتقد أنها تخدم”.

ورأى المجالي أنه دائما توجد فجوة كبيرة بين ما يطلب من رؤية ملكية وبين ما ينفذ على أرض الواقع ولا أجد شخصا واحدا يجيب لماذا؟

ولفت إلى أن القانون الحالي ينص على الاعفاءات وأن الجمرك بقيمة صفر ولكن مشروع القانون لا يتضمن اعفاءات، مشيرا إلى أن الغاء الاعفاءات روج لها بحجة انه توجد اختلالات هيكلية بالقوانين.

وقال المجالي “الذي يريد أن يأتي للأردن كي يستثمر يحتاج معه من 3 إلى أربع مستشارين قانونيين كي يساعدوه في قانون الضريبة والجمارك وكي يفسروه”.

وأشار إلى القانون المصري المتعلق بالاستثمار استبد عبارة قانون الاستثمار بعبارة قانون ضمانات وحوافز الاستثمار وهذا يطمئن المستثمر.

[caption id="attachment_1210893" align="alignleft" width="492"]رئيس جمعية سيدات ورجال الأعمال المغتربين فادي المجالي رئيس جمعية سيدات ورجال الأعمال المغتربين فادي المجالي[/caption]

وقارن المجالي بين قانون الاستثمار في الأردن ونظيره في مصر والفرق بين الحوافز المتوفرة، معلقا “لماذا لا يوجد لدينا حسن النية بين الدولة والمستثمر”.

وقال المجالي “في الأردن تم سحب الحوافز التي أصلا هي غير كافية ودخلنا في دوامة انشاء اللجان للحوافز والاعفاءات.”

ولفت المجالي إلى أن مشروع القانون فسر المستثمر الكبير باستثمار 5 ملايين دينار أو بعدد عاملين 300 عامل، معلقا أن هذا من السذاجة في بلد 96 بالمائة من اقتصاده يقوم على الشركات الصغيرة والمتوسطة.

وتطرق المجالي إلى المادة رقم 15 في مشروع القانون وقال أنا أعتقد ان هذه المادة خطيرة جدا وتؤسس لحالة من عدم الاسقرار التشريعي، وفيها رسالة واضحة أنه في أي لحظة سوف تتغير وتتبدل التشريعات.

وأضاف أن خطورتها تكمن في إعطاء امتياز للذي عنده استثمار بقيمة عالية فقط.

وتساءل المجالي هل صياغة مواد القانون بهذا الشكل سببها عدم توفر الخبرة أم ماذا؟

المجالي: القانون الحالي أفضل بكثير من مشروع القانون الجديد

ودعا المجالي الى ابقاء العمل بالقانون الحالي لعام 2014 حتى يصار لصياغة قانون عصري وجامع ويخدم الدولة التي وصلت فيها نسب البطالة الى 50 % بين فئة الشباب، مشددا على ضرورة تعزيز الحوافز والامتيازات الحالية بعد مقارنتها مع المتوفرة في دول مجاورة.

وشدد على ضرورة إعادة هندسة الاجراءات مع جميع اجهزة الدولة بتشاركية تامة والنص على الاجراءات الجديدة بالقانون اضافة الى اعفاء وزير المالية بصفته الوظيفية من اي لجان لها علاقات بالحوافز أو الاعفاءات للمستثمرين لان هدفه زيادة الايرادات الخزينة للدولة. واشار الى ضرورة الغاء الحديث عن أي لجان تحفيزية تحدث عنها القانون لأنها تفتح باب الاجتهاد.

صويص: مشروع القانون لا يتناسب مع رؤية التحديث الاقتصادي

بدوره، قال رئيس هيئة مديرين جمعية انتاج أمجد صويص إن هذا القانون لا يعني شيئا للمستثمرين عندما يرغبون في الاستثمار في الأردن، هو لا يعطي اي نوع من الطموح للمستثمرين.

وأضاف إن غالبية القطاعات في الأردن، مشاكلها ومعيقات الاستثمار فيها واضحة ومعروفة، وبالتالي فإن الأولى لهذا القانون أن يعالج مشاكل المستثمرين التي تتلخص في عدم وجود رؤية وشفافية للاستثمار في الأردن وعدم وجود رؤية واضحة إضافة إلى ارتفاع كلفة الاستثمار في المملكة.

وبالنسبة لقطاع تكنولجيا المعلومات، قال صويص إنه كان جزء من رؤية التحديث الإقتصادي واذا أردنا النظر لهذا القطاع فهو فعليا أكثر قطاع تم وضع متطليات علية كنسبة وتناسب خلال فترة السنوات العشر القادمة.

[caption id="attachment_1210890" align="alignleft" width="500"]رئيس هيئة مديري جمعية إنتاج أمجد صويص رئيس هيئة مديري جمعية إنتاج أمجد صويص[/caption]

صويص: كلفة إنشاء الأعمال في المملكة عالية جدا

وفيما يتعلق بصادرات القطاع، بين أن القطاع صدر بما يقارب 180 مليون دينار عام 2021، غير أن المطلوب منه مضاعفة هذا الرقم أكثر من 500 % خلال فترة 10 سنوات، والأمر كذلك بالنسبة للتعيين فالمطلوب منه ايجاد 76 ألف فرصة عمل خلال فترة 10 سنوات قادمة علما بأننا نوظف حاليا 26 ألف موظف.

واعتبر مشروع القانون غير متوائم نوعا ما مع رؤية التحديث الإقتصادي.

وقال إن قطاع تكنولوجيا المعلومات مطلوب منه مضاعفة صادراته، فالأولى وضع اعفاء للقطاع من ارباح التصدير بشكل واضح في القانون، إضافة إلى أن هذا القانون ينقصه العديد من النقاط المهمة مثل تخصيص ماهي القطاعات التي سيتم منحها الاعفاءات وما هو الاثر لاعطائها هذه الاعفاءات.

وقال إن سهولة ممارسة الاعمال في الأردن غير موجودة وكلفة انشاء الأعمال عالية جدا وغير واضحة ايضا والبيرقراطية كبيرة ما يحتم ضرورة التحول الرقمي وربط المؤسسات الوزارات، وهذا غير النافذة الاستثمارية التي لن يكون لها ضرورة في حال وجود نظام ربط واضح، لتصبح النافذة الاستثمارية للحالات الشاذة فقط.

وقال ان هذا القانون في حال تطبيقة لن يزيد وضع القطاع سوءا إلا انه لن يعطي اي حافز لجذب استثمارات جديدة ولا فرصا جديدة.

ولفت الى ان الاعفاء من الضريبة على الصادرات يجب أن يكون بشكل فعلي.

بلاسمة: الوضع القائم طارد لاستثمارات الأردنيين وللصناعة المحلية

وقال المستثمر والخبير في قطاع الطاقة الدكتور فراس بلاسمة إن” المهم في موضوع الاستثمار هو النظر إلى الصورة الأكبر والاشمل من حيث المدى المتاح لأن يكون هناك استثمارات حقيقية في الأردن، كما ان الجو الداخلي طارد لاستثمارات الأردنيين وللصناعة المحلية”.

ويستشهد على ذلك بأسعار الطاقة المتزايدة والتي تسببت الزيادة فيها بأخطاء كارثية، مشيرا إلى أن الحكومة فتحت سابقا الاسثتمار في قطاع الطاقة المتجددة ووصلنا إلى نقطة معينة تم وقف المشاريع فيها بشكل كامل بعد هذه النقطة.

[caption id="attachment_1210886" align="alignleft" width="452"]المستثمر في قطاع الطاقة فراس بلاسمة المستثمر في قطاع الطاقة فراس بلاسمة[/caption]

واشار إلى انه منذ العام 2004 ونحن نتحدث عن النمو في استهلاك الطاقة إلا ان ذروة الاستهلاك لم تتجاوز 2 % إلى 3 % رغم أنه من المفروض ان تكون هذه الزيادة 100 % بالنظر إلى زيادة وتضاعف عدد السكان وحجم الصناعات، لأن الكثير من هذه الصناعات غادرت الأردن وخرجت من الشبكة.

بلاسمة: ضرورة اتخاذ قرارات تسهل تنفيذ المشاريع المولدة للوظائف

وشدد على ضرورة اتخاذ قرارات تسهل تنفيذ المشاريع المشغلة للايدي العاملة من القطاعات التي تواجه بطالة عالية في صفوفها.

التل يدعو لإلغاء قانون المنافسة وتضمينه كفصل في مشروع القانون

بدوره، تساءل الخبير الاقتصادي الدكتور رعد التل عن فائدة صياغة قانون جديد للبيئة الاستثمارية، لافتا إلى ضرورة المقارنة بين قانون الاستثمار للعام 2014 ومشروع القانون الحالي 2022.

ودعا الحكومة ومجلس النواب إلى الغاء قانون المنافسة وتضمينه كفصل في مشروع قانون تنظيم البيئة الاستثمارية، مشيرا الى ان الحكومة أرسلت مشروع معدل لقانون المنافسة لمناقشته في مجلس النواب، وبين ان القانون يمثل عقابا لأي مستثمر يأتي إلى المملكة.

[caption id="attachment_1210887" align="alignleft" width="527"]دكتور الاقتصاد بالجامعة الأردنية رعد التل دكتور الاقتصاد بالجامعة الأردنية رعد التل[/caption]

واشار الى ضرورة ربط الإعفاءات والحوافز بنسبة تشغيل معينة لافتا إلى أن هذا الأمر ورد في رؤية التحديث الاقتصادي.

واكد التل اهمية الفهم الاقتصادي بعيدا عن الفهم المالي، بمعنى ان هنالك فرق بين المحاسبة والمالية.

وأشار إلى أن متوسط النمو في الأردن منذ 10 سنوات لم يتجاوز ال 2 % وهذا مؤشر على ان مختلف مناطق المملكة تحتاج الى نمو، وبالتالي يجب اعطاء المستثمر القادم الى اي محافظة اعفاءات وهذا الأمر الصواب في ظل ارتفاع معدلات البطالة خاصة بين الشباب والتي وصلت الى 50 %.

التل: أهمية تفعيل الحوكمة باعتبارها ركيزة العدالة والمساءلة والشفافية

واكد التل ضرورة الاختيار بين لجنة الحوافز ومجلس استثمار، مشددا أنه لا يصلح ابقاءهما معا. واشار الى اهمية الاعفاءات المقدمة للمستثمر لتكون محفزة ومشجعة، متسائلا هل قدم هذا المشروع صيغة ابتكارية في ظل التنافسية العالية الموجودة في الدول المجاورة؟.

وطالب بتفعيل الحوكمة باعتبارها ترتكز على العدالة والمشاركة والمساءلة والشفافية في بنود القانون اضافة الى حماية المستثمر.

واوصى التل بتقديم تعريف محدد لصندوق الاستثمار الوارد ذكره في القانون وإلغاء لجنة الحوافز أو الابقاء على مجلس الاستثمار وتوضيح الحوافز المرتبطة بكل قطاع.

[caption id="attachment_1211132" align="alignnone" width="844"] ندوة مجالس الغد حول مشروع قانون البيئة الاستثمارية - (تصوير: ساهر قدارة) ندوة مجالس الغد حول مشروع قانون البيئة الاستثمارية - (تصوير: ساهر قدارة)[/caption] اضافة اعلان

اقرأ المزيد :