"اكتئاب فيسبوك"

بين يدي اليوم العالمي للصحة النفسية والذي يصادف في العاشر من تشرين الأول من كل عام، وقع بين يدي تحذير صدر عن أكاديمية أطباء الأطفال الأميركية منبها الأهالي إلى خطورة استخدام أبنائهم مواقع التواصل الاجتماعي وتأثيرها على صحتهم النفسية، بين قسوة المتنمرين وتعزيز الشعور بالدونية لديهم عند مقارنة أنفسهم بأقرانهم.اضافة اعلان
ويتماشى هذا التحذير مع الدراسة الداخلية التي أجراها تطبيق انستجرام وكشفت عنها مؤخراً (وول ستريت جورنال) والتي أطلق عليها عنوان:” الغوص العميق في الصحة العقلية للمراهقين” وقد خلصت الدراسة إلى أن هذا التطبيق يؤثر سلباً على الثقة بالنفس عند ثلث الفتيات اليافعات، من حيث نظرتهن لنموذج الجسد المثالي المشاهد على وسائل التواصل الاجتماعي والذي يتمنين أن يكن عليه.
فعندما يقوم هؤلاء المراهقون بمقارنة مظاهرهم الخارجية بصور أقرانهم على مواقع التواصل؛ والتي تظهرهم بصورة مثالية وايجابية في مختلف مناحي الحياة، تتولد لديهم ردود أفعال سلبية تجاه أنفسهم مما يؤدي إلى شعورهم بالاكتئاب ومعاناتهم من اضطرابات في عادات تناول الطعام، والشعور بعدم الرضى عن أنفسهم فقد خلص التقرير إلى أن ( 14 % ) من هؤلاء يدفعهم انستغرام للشعور بالسوء إزاء أنفسهم، والمثير للقلق أن
(13 %) من المستخدمين البريطانيين
و(6 %) من المستخدمين الأميركيين لانستغرام أظهروا ميولاً انتحارية.
يذهب مايكل روب مدير الأبحاث في Common Sense Media إلى أنه عندما تكون الفجوة كبيرة بين من أنت ومن تريد أن تكون، عندها يمكن أن تنشأ “الضائقة العقلية”، فالمقارنات السلبية المستمرة لدى الأطفال بأقرانهم يمكن أن تضر بقيمة احترام الذات لديهم وتؤثر سلباً على صحتهم العاطفية والاجتماعية.
أيضاً لا تخفى علينا الظاهرة السلبية الأكثر شهرة على مواقع التواصل الاجتماعي وهي ظاهرة التنمر، فالذين لا يجرؤون على التنمر على الآخرين في الحياة الواقعية يجدون الشجاعة للقيام بذلك عندما يكونون خلف شاشات حواسيبهم وهواتفهم المحمولة وهذا التنمر يتراوح ما بين التسلط عبر الانترنت إلى التهديد بالقتل وارسال الصور والرسائل النصية المزعجة بهدف مضايقة الآخرين وازعاجهم.
لقد أصبح تعلق الناس وخاصة اليافعين بوسائل التواصل الاجتماعي يرقى الى درجة الإدمان وهو ما أطلق عليه ظاهرة (FOMO: Fear of missing out) وهو الخوف من الضياع. فنحن نلعب باستمرار لعبة مطاردة المنشورات لأننا نخشى أن نفقد منشوراً أو معلومة أو صورة لصديق أو إعلان على صفحات سوشيال ميديا. فهذه الظاهرة هي التي تجعلنا نشعر بأننا يجب ان نكون متصلين بوسائل التواصل الاجتماعي في جميع الأوقات وإلا فقد ننفصل عن دوائرنا الاجتماعية والمواقع الالكترونية مثل فيسبوك التي تغير خوارزمياتها باستمرار.
كما أظهرت الأبحاث أن(60 %) من المراهقين لا يحظون بساعات كافية من النوم نتيجة تصفحهم الدائم لمنصات التواصل الاجتماعي وهذا ما يؤثر سلبا على نشاطهم اليومي وتحصيلهم الدراسي.
تتباين وجهات النظر حول فوائد ومضار استخدام الانترنت، ويرى الباحثون أنه من الصعب تحديد اتجاه العلاقة، وكيف يستخدم الأطفال الذين هم بالفعل عرضة للمقارنات الاجتماعية غير الصحية الانترنت، وبمعدلات متزايدة وبطرق أكثر إشكالية لكن الأكيد أننا بصدد ظاهرة خطيرة لها أبعاد صحية واجتماعية واقتصادية تهدد مستقبل الأجيال المقبلة وعلى العلماء والباحثين العمل على إيجاد حلول مبتكرة تعالج أصل المعضلة رغم اعترافي مسبقاً بصعوبة المهمة.