الآفاق المستقبلية للاقتصاد الأردني: هل يمكن الخروج من المأزق؟

الندوة التي عقدت في جامعة فيلادلفيا يوم السبت الماضي، بعنوان "الآفاق المستقبلية للاقتصاد الأردني"، تجعل الإصلاح والخروج من المآزق الاقتصادية التي وقعنا فيها -من عجز الموازنة، والفقر والبطالة، وضآلة الناتج المحلي، وضعف الاستثمار، وتغول الواردات على الصادرات- ممكنا وعمليا. اضافة اعلان
ولحسن/ سوء الحظ، فإن الحلول لا تحتاج إلى موارد مالية مستحيلة، بل يمكن، ضمن الموارد المتاحة والفرص والآمال الممكنة، أن نحقق تنمية وازدهارا. ما نحتاجه فقط (ليس سهلا بالطبع) هو عدالة التوزيع، وإدارة وحاكمية راشدة تدير الموارد بكفاءة وعدالة، وإنشاء اقتصاد اجتماعي يجعل كل مواطن/ بلدة/ مجتمع محلي/ فئة اجتماعية واقتصادية مشاركا اقتصاديا ومنتجا حقيقيا، وعدالة ضريبية، وتفعيل التحصيل الضريبي ومواجهة التهرب الضريبي والتهرب الجمركي، والارتقاء بمستوى التعليم والتدريب على النحو الذي يجعل القوى العاملة في البلد قادرة على إدارة الاقتصاد الوطني وتطويره ومواكبة التغيرات في مجاله، والمشاركة في الاقتصاد العالمي.
وبصراحة، فإنه من الصعب جدا أن نجتذب المعونات الدولية والاستثمارات الخارجية من غير بيئة اقتصادية واجتماعية تعزز الثقة بالتشريعات والإدارة والفرص القائمة، وأسوأ ما يصيب/ أصاب الاقتصاد، هو تدفق استثمارات طفيلية قائمة على الفساد، وتعمل في صناعة المال والعقار على نحو لا يعود على الوطن والمواطنين بفائدة، بل عاد بضرر كبير جدا.
شارك في الندوة التي أدارها د.إبراهيم بدران وافتتحها د.مروان كمال رئيس جامعة فيلادلفيا، ود.منذر الشرع (مدخل إلى الوضع الاقتصادي الأردني)، ود.ماهر الواكد (عجز الموازنة والمديونية)، وإبراهيم غرايبة (الفقر والبطالة)، ود.خالد الوزني (الاستثمار)، ود.جواد العناني (التحديات الأساسية للاقتصاد من منظور كلي)، ود.جواد الحديد، ود.هاني الخليلي (الخروج من الأزمة).
جرى حديث عن الإنفاق العسكري، وأنه يمثل نسبة مرتفعة (29 % من الموازنة) مقارنة بالدول الأخرى. ولم تكن موازنة العام 2013 جديدة أو مختلفة كما يطمح الأردنيون في الربيع العربي، وتبدو مستقلة عن التطلعات والتوجهات الإصلاحية. كما لم تعكس الآمال والأفكار المطروحة حول الطاقة البديلة والمتجددة؛ وتطوير وزيادة الموارد المائية وترشيد إدارتها، والاستفادة من الفرص المائية الممكنة، مثل استكمال عمليات تكرير المياه وإعادة استخدامها؛ وتطوير أداء القطاع العام، وبخاصة بدمج وترشيد المؤسسات المستقلة التي أصبحت عبئا اقتصاديا وسياسيا أيضا، وترشيق الجهاز الإداري العام وتدريبه وتأهيله؛ وتطوير التعليم الأساسي والثانوي والجامعي ليتفق مع التطلعات والأفكار الإصلاحية؛ والارتقاء بمستوى الرعاية الصحية.
نحتاج أيضا إلى استهداف مؤشرات التنمية الإنسانية التي وضعتها الأمم المتحدة/ البرنامج الإنمائي، معايير للتقدم والإصلاح: رفع نسبة الاستيعاب في التعليم الأساسي ليكون جميع الطلبة في سن الدراسة الأساسية على مقاعد الدراسة، مضافا إليهم الطلبة الذين لم يكملوا التعليم الأساسي (بسبب الرسوب أو التسرب والانسحاب)؛ بمعنى أن مؤشر الاستيعاب يجب أن يزيد على 100 % (نسبة الاستيعاب الآن 96 %، وهي في إسرائيل 111 %). وكذلك مساحة الغابات التي تقل نسبتها عن 1 %، فيجب مضاعفتها لوقف التدهور البيئي. وإنشاء صناعات خشبية في الأثاث والبناء، وإقامة مشروعات سياحية وغذائية ودوائية قائمة على الغابات، ولا تجعلها مجرد محمية جميلة لا تفيد شيئا. وهناك أيضا تمكين المرأة لأجل مشاركة كافية في العمل والاقتصاد وبأجور عادلة؛ فالمشاركة الاقتصادية للمرأة في الأردن أقل من نصف معدلاتها في دول الشرق الأوسط التي تشبه الأردن في اقتصاداتها وثقافتها ونظامها الاجتماعي. وتنمية وتطوير قطاعات اقتصادية تقلل الواردات وتعدّل في الميزان التجاري، مثل الزراعة والصناعات الغذائية، لأن الواردات الغذائية كبيرة جدّا، وهذا معيب؛ فكيف يمكن الحديث عن تطور اقتصادي وصناعات متقدمة ونحن غير قادرين على تدبير الغذاء والزراعة؟ واستهداف الفقراء بالمشروعات التعليمية والاجتماعية والصحية، والمشروعات التي تزيد مشاركتهم الاقتصادية وتمكنهم من إسماع صوتهم، ومن صياغة رؤيتهم لحياتهم، وما يحبون أن يكونوا عليه. وإنشاء منظومات وكيانات اجتماعية وثقافية تواجه العادات الاستهلاكية، وتعزز الاندماج الثقافي والاجتماعي لجميع المواطنين وشعورهم بالرضا والانتماء والمشاركة.
هل نتحدث عن أفكار ومقترحات مستحيلة لأجل التقدم الاقتصادي؟

[email protected]