الأثاث العصري يتناسب مع التكوين المعماري الحديث

منى أبو صبح

عمان- لم يعد اقتناء الأثاث الكلاسيكي أمرا ضروريا لإبراز الفخامة والرقي في ثنايا المنزل، وإنما جاء النمط الحديث ليبرز مفاتنه وحيثيات ما يتمتع به من تفاصيل بسيطة وناعمة وأنيقة مكسوة بمفهوم الراحة والاسترخاء الذي أصبح مطلبا مهما يبحث عنه الأفراد في وقتنا الحالي.
وينسجم النمط الحديث مع هذا العصر وطبيعة التكوين المعماري الحديث، الذي نجده حاضرا وبقوة في مختلف مفردات الأثاث والمقتنيات التي تدعم تفاصيل هذا النمط من الديكور، وقد شكل انطلاقة جديدة في عالم التأثيث الحديث مجسدة بملامح وأبعاد شفافة وساحرة وناعمة ووثيرة، حول هذا النمط الذي أصبح وجوده في فراغات المنزل مطلبا مهما وأساسيا.
لقد وجد النمط العصري من الأثاث المنسجم مع التكوين المعماري الحديث الذي صمم بنظرة حديثة وأنيقة متحلية بروح المتعة البصرية والنفسية المتأتية من هذا الفن المبني على الذوق الراقي والبسيط والبعيد كل البعد عن الأسطح المزخرفة وغير التقليدية؛ حيث شيد الأثاث العصري من مواد أخف وزنا وأكثر إشراقا في ألوانها، فهي تضفي جواً من الرقي والنعومة في تفاصيلها، هذا الفن عانى مصاعب جمة حتى استطاع مؤخرا أن يثبت وجوده أمام الفن الكلاسيكي.
من هنا، وجد مهندسو الديكور أنفسهم أمام مسألة أخرى غير الخطوط الجمالية التي يجب أن تتمتع به قطع الأثاث في هذا النمط وإنما يجب أن تتميز كل قطعة من الأثاث بدور وظيفي إلى جانب مظهرها، نظرا لمتطلبات العصر الحديث؛ إذ يجب أن يكون كل شيء متقبلا للممارسة اليومية، فهذا العصر قدم للمهندس تسهيلات عديدة ومجموعة واسعة ومتنوعة جداً من التجهيزات والمعدات، وأفسح له المجال كي يعبر عن المفاهيم الفنية الحديثة بحرية تامة من خلال استعمال جميع إمكانات المادة والخامات المتاحة، مثل استخدام البلاستيك في صناعة الطاولات مما يسهل عملية تنظيفها، وأيضا دخول الزجاج في جوانب هذا الفن المعاصر، وفي تصميم بعض تفاصيل الإضاءة بأشكال فنية هندسية رائعة تحاكي هذا الفن، كما نجد أيضا دخول بعض أنواع المعادن، مثل الكروم والألمنيوم، التي صارت تستخدم كأرجل لبعض قطع الأثاث مثل الأرائك والطاولات.
وعن تفاصيل النمط العصري، فلقد تحرر الأثاث من كل بهرجة وتكاليف زائدة، فهي تهدف إلى الراحة من حيث الاستعمال ونقاء الخط الهندسي من خلال زواياها القائمة، وتتمتع الأشكال الهندسية بحضور قوي فيها، وتكون المساحات مسطحة وواسعة وخطوطها غير منتظمة وواضحة مثل الأشكال الكروية الأسطوانية البيضاوية والمخروطية الشكل، أي الطراز الحديث وهو معتدل وبسيط كل البساطة وواضح جدا، ونجد أيضا توازنا في أبعاد هذه القطع من النمط الحديث من حيث الطول والعرض والارتفاع، فهي تخضع لدراسة دقيقة جدا، وعادة ما تتعاقب الخطوط المستقيمة مع الخطوط المنحنية إما ضمن إطار واحد من الأثاث أو ضمن عمل زخرفي مختص بغرفة ما بأكملها.
وعن تصميم قطع الكراسي المودرن، فنراها مبسطة الخطوط، فقد صممت خصيصا لتأمين الراحة حتى الدرجة القصوى منها، وهناك نماذج مجوفة على شكل علبة ويكون مسند الظهر مرتفعا نسبيا، ومحدب الاستدارة، ويشكل قطعة واحدة مع المتكئين، وعادة ما يكون المقعد نوعا ما بمستوى منخفض حتى يستطيع المرء الجالس عليه أن يمد رجليه بحرية وراحة تامتين. كما يمكن أن تقوم هذه القطع بوظيفتين في آنٍ واحد، فالكرسي يمكن أن يتحول إلى سرير، وبذلك يمكن أن نختصر المساحة فيما لو وضعت قطعتان منفردتان تقومان بمهام منفصلة.
أما السرير، فهو في الواقع ذو طابع كلاسيكي "مودرن"، بخطوط مستقيمة ومرتكزة على عوارض مصنوعة من أنبوب معدني، أو بالاعتماد على قاعدة كتلية مصنوعة من الخشب، كما نجد أيضا بعض الأسرة المرتكزة على قطعة منبسطة من الخشب المغطى بقطع من الجلد، أو أي خامة أخرى ترتفع مترا عن الأرض، وتكون خالية تماما من أي زخارف أو نقوش قد تعيدها إلى رداء النمط الكلاسيكي، وعادة ما يكون رأس السرير مرتفعا قليلا، وقد يحمل على جوانبه بعض الأدراج، والتي تقف عليها إضاءة بسيطة، تحمل تفاصيل النمط الحديث في مظهرها.
والكوشات المزدانة بألوانها المعدنية التي نجدها تثري الأرائك وتزيدها تألقا، إلى جانب دورها الوظيفي في إكساب الجالسين استرخاء وراحة أكثر، ونظراً لتنوع عملية تصميم "المودرن" الذي لا يقف عند خط معين، فيمكن أن تكون قطع منفصلة عن بعضها بعضا، أو يمكن أن تكون جلسة على شكل حرف (L)، بحيث يستطيع المرء أن يسترخي على جانب من هذه الجلسة، وأيضا هناك قطع "الشيزلونج" العصري التي يمكن أن تركن في غرف النوم في محطة لقراءة كتاب معين؛ حيث نجد أن هذه القطع من الأثاث عادة ما تتميز بالمتانة وقوة التحمل، إلى جانب الخفة وسهولة تحريكها، نظرا لكون بعض منها مزودا بعجلات، ما يجعل الأمر هينا عند الرغبة في نقلها من مكان إلى آخر، بالإضافة إلى وجود نماذج من قطع الأثاث منمنمة وصغيرة الحجم يمكن أن توضع في بعض المساحات الضيقة في المنزل كركن جمالي وأنيق، ويمكن استخدام القطعة لأكثر من وظيفة، وذلك لاستغلال المساحة المتاحة بشكل جيد، كما نجد الخطوط العريضة لهذا الفن الذي يتبع فيه النظام الهندسي من حيث خطوط الطول والعرض وما يتميز به من بساطة وحيادية في الألوان وانتقاء الخامات التي تميل إلى السادة والابتعاد قدر الإمكان عن التشجير، إلى جانب نوعية هذه الخامات القابلة للتنظيف وتدوم فترة زمنية أطول.
كما أن هذا النمط من الديكور يميل إلى العملية أكثر من أن تكون مجرد تحفة تشغل فراغات المنزل؛ حيث يمكن أن يستغنى عن أجزاء منها في حالة ضيق المكان بدون أن يؤثر ذلك على الشكل العام، فالبساطة هي اللغة السائدة في منظومة الفن الحديث، ورغم وجود الكثيرين ممن يحرصون على اقتناء الفن الكلاسيكي القديم، إلا أن النمط الحديث استطاع أن يؤكد حضوره أيضاً بين ثنايا المنزل، ولا يمكن أن نغفل عن حقيقة أن هذا الفن أصبح جزءاً لا يتجزأ من حياتنا اليومية، وبكل ما يحمله من روح الأناقة المكسوة بالراحة والنعومة المطلقتين.

اضافة اعلان

[email protected]