الأحزاب والمشاركة بالانتخابات النيابية

بعد أن أقر مجلس النواب مشروع قانون الانتخابات، بدأت تظهر أسئلة حول مشاركة الأحزاب السياسية في الانتخابات النيابية المقبلة، وفق القانون الجديد الذي من المفترض أن يقره مجلس الأعيان قريبا، ليتوشح بعد ذلك بالإرادة الملكية، ليكون بذلك قانونا ساريا.اضافة اعلان
الكثير من الأحزاب السياسية وجهت انتقادات للقانون الجديد، وللتعديلات النيابية عليه، واعتبرته لا يرقى لطموحاتها، وأنه لن يشكل رافعة للعمل السياسي، ولن يفرز المجلس النيابي الذي يمثل الشعب أفضل تمثيل، ويمارس دوره الرقابي والتشريعي بكل كفاءة. طبعا، هناك أحزاب اعتبرت القانون مناسبا وممتازا وإصلاحيا ويحقق المطلوب منه، أي إخراج مجلس نيابي قوي، يؤدي إلى تشكيل حكومات برلمانية كما هو منشود.
الأحزاب المؤيدة للقانون، أعلنت أنها ستشارك في الانتخابات النيابية التي ستجرى وفقه، فيما لم تكن الأحزاب المنتقدة للقانون حاسمة بشأن مشاركتها من عدمها، وتركت القرار لوقت آخر حتى تتضح الصورة. وتركت بذلك الباب مفتوحا أمام مشاركتها، إذ إنها أظهرت بتصريحاتها ميلها للمشاركة، وربطت ذلك بالظروف المحيطة بالعملية الانتخابية، والأجواء التي ستكون سائدة اآنذاك، خصوصا فيما يتعلق بنزاهة العملية الانتخابية وعدم التدخل بمجرياتها.
وأكاد أجزم، من خلال الاطلاع والتدقيق بردود فعل الأحزاب وخصوصا تلك التي قاطعت الانتخابات الماضية، أنها ستشارك في الانتخابات المقبلة، وأن عدم إعلانها الآن ذلك، هدفه الضغط من أجل الحصول على ضمانات بالحفاظ على نزاهة الانتخابات وعدم التدخل في مجرياتها كما جرت العادة سابقا. ويبدو أن الاحزاب التي قاطعت، أو تلك التي تتبنى توجها معارضا لسياسات الحكومة، ترى أن عدم المشاركة في الانتخابات النيابية المقبلة خطأ سياسي سيكون له انعكاسات كبيرة عليها، وأن مشاركتها ستقلل من الآثار السلبية عليها حتى لو لم تفز بأي مقاعد نيابية. كما يبدو، أيضا، أن الأحزاب التي قاطعت الانتخابات السابقة، تجد عدم جدوى في مقاطعة جديدة، لاسيما أن المقاطعة السابقة لم تؤد إلى تحقيق أهدافها، بل على العكس وضعتها في موقف دفاعي، وأثّرت عليها كثيرا.
أعتقد، أن الظروف السياسية المحلية والعربية والإقليمية، والتجارب السابقة ستدفع بكل الأحزاب السياسية للمشاركة في الانتخابات النيابية المقبلة، ولن تكون هناك مقاطعة. ولذلك، فإن الهدف الذي يجب أن تسعى إليه الأحزاب ليس تعديل القانون، فهذا الأمر  لن يتحقق الآن، وإنما الضغط من أجل إلزام الحكومة بضبط العملية الانتخابية، ومنع التدخلات فيها، واتخاذ كل ما يلزم للحفاظ على نزاهتها، ومنع أي تزوير مهما كان نوعه أو حجمه أو هدفه، فقد تستطيع فعلا، أن تحقق انتخابات نيابية نزيهة فعليا وليس كلاما او تنظيرا.