الأخطر ما بعد كورونا

سلامة الدرعاوي واضح أن الأمور الصحية في مواجهة جائحة كورونا تسير باتجاه سليم ليس فقط في المملكة، لا بل ان العالم يحذو بنفس الخطوات للخروج من شرك الوباء، وان العالم يتجه للانفراج والخروج من العزلة والحظر اللذين عاشهما منذ ما يزيد على العام ونصف العام. في الأردن الجهود الصحية والقرارات الخاصة بالحظر الجزئي وقبله الشامل بدأت تعطي ثمارها الإيجابية من خلال تراجع أعداد الإصابات والوفيات ونسب الدخول اليومي للمستشفيات، وهو ما جعل الحكومة تبدأ برفع الحظر وفتح القطاعات تدريجياً، ومن المرجح انه بعد النصف الأول ستكون هناك انفراجات كبيرة على مختلف القطاعات باتجاه عودة الحياة الطبيعية للجميع. في نهاية المطاف عام او أكثر سيعود كُل شيء إلى سابق عهده، وسينتهي العمل بأوامر الدفاع التي الى حد كبير ضبطت إيقاع المجتمع وسلوكياته، وكان أبرزها على القطاع الخاص الذي تأثر كثيراً بسلبياتها، لكنها كانت لصالح المواطن للحفاظ على أمنه الوظيفي، وحرمان الشركات ومؤسسات القطاع الخاص من اتخاذ أي عمليات إعادة هيكلة للعاملين نتيجة تأثرهم بتداعيات كورونا الاقتصادية التي عصفت بأداء الكثير من الشركات سلباً، والتي في النهاية صمدت نتيجة مساعدة الحكومة المباشرة وغير المباشرة لتلك الشركات من خلال برامج دعم اقتصادية ومالية قدمت لهم خلال الجائحة للتخفيف من تداعياتها عليهم، مثل برامج الاستدامة وإلغاء الرسوم والتصاريح على بعضها ودفع جزء من رواتب عدد من العاملين في المنشآت المغلقة كلياً وهكذا. لكن في النهاية أوامر الدفاع سينتهي العمل بها في وقت من الأوقات، وستعود الأمور إلى مجاريها السابقة، حينها ستلجأ الشركات المتعثرة إلى إعادة هيكلة العاملين لديها وفق قانون وتعليمات وأنظمة وزارة العمل، وهو حق لها لحماية المنشآت من الانهيار والخروج من السوق أو تصفيتها، وبالتالي من المرجح ان يتم تسريح أعداد كبيرة من العاملين في القطاعات الصناعية والتجارية والخدمية التي ألقت الجائحة عليها بأعباء مالية باتت غير قادرة على مواجهتها مع استمرار ضعف أدائها وهبوط عملياتها الإنتاجية والاقتصادية المختلفة. تقرير لإحدى المؤسسات الاقتصادية الدولية، أشار قبل أسابيع قليلة إلى أن هناك اكثر من 140 ألف عامل أردني فقدوا وظائف بسبب كورونا، وهو رقم كبير على اقتصاد مثل الاقتصاد الأردني، والمعروف ان غالبية هؤلاء الذين فقدوا أعمالهم هم في قطاعي السياحة والنقل تحديداً. بعد كورونا وانتهاء العمل بأوامر الدفاع قد تتضاعف أعداد الذين سيتم تسريحهم من الأعمال، مضافا اليهم دخول اكثر من 156 ألف خريج لسوق العمل من مختلف المستويات، منهم ما يقارب الـ88 ألف خريج جامعي، وهو ما يعني ان مُعدلات البطالة ستصل الى مستويات خطيرة غير مسبوقة على الإطلاق خاصة بين صفوف الشباب الذين تتجاوز البطالة فيهم الـ50 %. المؤشرات السابقة خطيرة من كافة النواحي، ما يستدعي ان تضع الحكومة خطة طوارئ لمواجهة تداعيات ما سيحدث بعد كورونا، ويكون ذلك بتكوين قاعدة بيانات دقيقة عن شبكة العاملين المسرحين، ومن ثم إيجاد منظومة جديدة لشبكة الأمان الاجتماعي، لتكون قادرة على امتصاص جزء من الأعباء المالية التي خلفتها الجائحة والتسريحات ان حدثت، وتقديم المساعدات المالية والعينية المباشرة لهذه الشريحة الجديدة، وفي ذات الوقت مساعدة الشركات والقطاع الخاص على دعم عملياتها الإنتاجية والاقتصادية المختلفة، ولإزالة أي عقبات تحول دون المحافظة على كينونة استمراره ووجوده، وذلك من اجل استعادة عافيته وبالتالي استيعاب اكبر عدد من العاملين والخريجين الجدد، فحزمة الأمان لن تكون أبدية، بقدر أنها يجب ان تغطي احتياجات المسرحين لفترات زمنية محددة لحين عودة الشركات إلى عملها الطبيعي ومن ثم استيعابهم من جديد، وهذا ما يستدعي من الجهات المعنية تشكيل فرق طوارئ لمواجهة هذا الأمر، لتكون قادرة على الاتصال مع فعاليات القطاع الخاص والتنسيق المسبق مع تعزيز دور مؤسسات العمل الاجتماعي وتفعيل أدوارها وزيادة انتشارها في المرحلة المقبلة.اضافة اعلان