الأردنيون والقدس

سائد كراجة ليس جديدا ما تفعله اسرائيل في المسجد الاقصى، التيار الاسرائيلي الداعشي «يتمدد» داخل الحكومات الاسرائيلية منذ عام 2003، وهذا التيار يسعى لتطبيق استحقاق ديني لديه بهدم الاقصى، واقامة الهيكل مكانه، لذلك فإن محاولات اقتحام الاقصى من «سواح» مستوطنين، او اقامة شعائر في باحة الاقصى، او محاولة تخصيص زمن لليهود، وآخر للمسلمين، او تخصيص جزء من الـ144 دونم لليهود، كلها خطوات محسوبة لتحقيق هدف ديني؛ ترعاه الحكومات الاسرائيلية، وتدعمه بالمال والقوة العسكرية لجيش الاحتلال، هذا الهدف بوضوح هو: اقامة الهيكل الثالث مكان الاقصى. قال بعض العرب: «الفلسطينية» لم يتمسكوا بالأرض، وتركوها للصهاينة وهربوا، فسمع «الفلسطينية» ذلك، فأنجبوا جيل الانتفاضة الاولى والثانية وما بعدهما، وذهبوا الى معتقلات «اسرائيل» شيبا وشبابا، وقضوا في سجون الاحتلال اعمارهم، فهذا طفل دخل سجون الاحتلال طفلا وخرج شيخا او ميتا، وهذه سيدة انجبت اولادها في السجن، وهذا اسير اكله السرطان اضافة الى وحشة الزنازين، ناضلوا بالحجر وبيانات الاستنكار العربي، واجتماعات الجامعة العربية يحفظها الله، كل هذا في عصر حيث كانت القضية الفلسطينية قضية العرب الاولى، اما الآن وقد صارت القضية الفلسطينية «مشكلة الاعراب الكبرى»، فإن الزمن قد تغير، وجاء حين على الناس، صار «الفلسطينية» وقضيتهم ومقدساتهم مشكلة مزمنة، يجب تجاوزها واعادة دراسة مدى اولويتها في سلم مصالح بعض الدول العربية، الامر الذي اعاد تصنيف اسرائيل عند بعضهم؛ من دولة عدوة الى دولة صديقة في بعض الاحيان، او دولة مسالمة في احيان اخرى! من جانب آخر، فإن هذا الانحياز العالمي لاسرائيل، غير مفهوم وغير مبرر وغير قانوني وغير انساني، طيب، العالم يحمي حق اسرائيل في الوجود! ولكن لماذا يقبل ان يكون هذا على حساب عذابات شعب آخر، فهذا المجتمع الغربي الاميركي الذي ينتصر للأقليات، ويتباهى بالحريات الشخصية وحقوق الانسان، كيف يعود نظاما عالميا استعماريا امبرياليا كولويانيا مستبدا غير عادل وغير انساني؛ عندما يأتي الامر للفلسطينيين وفلسطين؟ إن كان هذا تحقيقًا لنبوءة دينية يهودية، فلماذا العالم يكون علمانيا مع جميع حملة الديانات الاخرى، الا اليهود يصبح عندهم متدينا متصهينا بسلفية يهودية!؟ أما بالنسبة للأردنيين، فلم يكن الاقصى وفلسطين يوما الا قضية محلية ذاتية لهم، والاقصى عند الأردنيين مسلمين ومسيحيين هو مسجدهم، وهو تراثهم وعزهم وكرامتهم، هكذا تعامل الأردنيون مع فلسطين عامة ومع الاقصى خاصة، وما الوصاية الهاشمية على الاقصى الا ترجمة تاريخية لعلاقة المواطن الأردني بالأقصى وبفلسطين، وقد تنبه الأردنيون، وبوعي سياسي غير مسبوق، منذ تأسيس الامارة وقبلها، ان المشروع الصهيوني يستهدف ارض الأردن كما يستهدف ارض فلسطين، ولهذا انخرطوا في الدفاع عن الأردن بالدفاع عن فلسطين وارض فلسطين. وحده الأردن ينافح عن الاقصى والمقدسات ويساند الحق الفلسطيني، ووحده برلمان الأردن وحكومته على قلب رجل واحد – كما قال رئيس الوزراء- في موقف موحد لاستمرار دعم الفلسطينين والدفاع عن الاقصى، وقبلهم وعلى رأسهم يقف جلالة الملك وحيدا في تحريك العالم لوقف الاعتداءات الاسرائيلية، ومحاولاتها في تغيير الوضع القانوني والاداري في المسجد الاقصى، ووحده الأردن يدفع ثمن هذا الموقف من القدس والقضية الفلسطينية، ويلاقي حصارا اقتصاديا خانقا، وجفاء من بعض حلفاء الامس والاصدقاء العرب وغير العرب، كل هذا محاصرة لموقف الأردن ولإجباره عن الرجوع عنه، واذا فكرنا في مصلحة الأردن الذاتية المحلية، نتساءل الى متى سوف يتحمل الأردن هذه الكلفة الباهظة لهذا الموقف؟! ويا وحدنا في معركة الكرامة الثانية في الدفاع عن القدس وعن فلسطين. المقال السابق للكاتب  للمزيد من مقالات الكاتب انقر هنااضافة اعلان