الأردن في قلب المنطقة

بلال الصباح

منذ انتهاء الحرب على غزة والتغير الذي نتج عنها بما يخص المشهد الإسرائيلي مع تحفظي وإيماني بأن هذا التغير أنتج حكومة ليست أقل تطرفا من حكومة نتنياهو فقد انطلقت الدبلوماسية الأردنية ممثلة بجلالة الملك ووزارة الخارجية بعد ان ضغطت مسبقا باتجاة وقف العدوان على غزة وذلك بهدف تكوين منظومة سياسية دولية ضاغطة لاستعادة حقوق الشعب الفلسطيني باستعادة أراضيه ومقدساته الإسلامية والمسيحية والتي ينظر لهذه التحركات كل عربي ومسلم بعين الأمل لما للوصاية الهاشمية من قبول دولي مدعوم بالحق التاريخي.اضافة اعلان
السمفونية الملكية لم تكتف بتحركات خارجيتها بل تحركت شخصيا بمعزوفاتها لتجول ابتداء من الشرق الأوسط إلى أقصى الغرب وأقصى الشرق مهما ابتعدت عن جغرافيا الأردن لتحقيق تلك الأهداف وإعادة تنظيم المنطقة بما يتناسب مع حقوق شعوب ودول المنطقة.
إذن فقد بدأ وبشكل سريع جلالة الملك بالتحرك إلى قلب أميركا والتقى مع جميع أصحاب القرار هناك ابتداء من الرئيس الأميركي وأعضاء الكونغرس والمسؤولين وعلى جميع المستويات بهدف حشد الدعم للأردن وللقضايا العربية فيما يعكس من وجهة النظر الإيجابية متطلبات العرب والعالم والذي قوبل باستماع وتمعن من أصحاب القرار هناك بتصريحاتهم الصحفية الايجابية بعد تلك اللقاءات.
ثم توجه جلالته إلى اليونان في غضون يومين ليحضر الاجتماع الثلاثي الذي ضم أيضا بالإضافة إلى اليونان دولة قبرص وليحشد مزيدا من الدعم للقدس والمقدسات المسيحية لما تتمتع به دولة اليونان أيضا من مكانة دينية مسيحية خاصة، والذي أنتج البيان الختامي المؤيد لتك الحقوق العربية عامة والفلسطينية خاصة.
وبالأمس القريب يقوم جلالة الملك أيضا بزيارة القطب الثاني الأكبر في العالم جمهورية روسيا الاتحادية لتأكيد الموقف الروسي الداعم للحقوق العربية التاريخية مؤكدا طلب الدعم لحل القضية الفلسطينية على الأسس والقرارات الدولية وهو ما قوبل أيضا بتأكيد الدعم المطلوب للأردن ولقضايا أمته، ومن بعدها العراق ثم مصر.
تنقل جلالة الملك بين الشرق والغرب كمخطط وقائد للأوركسترا السياسية للشرق الأوسط وهو يقود بذات الوقت بلدا بحجم الأردن الصغير نسبيا… كصورة مماثلة للفن الموسيقي هناك أيضا فن موسيقي سياسي يقوده جلالته بثبات على جميع المستويات.
مما لا شك فيه أن ذلك النشاط السياسي سيصب في حل العديد من الأمور العالقة وعلى رأسها القضية الفلسطينية ومحاولة إعادتها لتصبح قضية الرأي العام العالمي الأبرز ولإجبار الحكومات الإسرائيلية كانت من تكون على احترام الإرادة الدولية والخضوع لمتطلبات وحقوق الشعب الفلسطيني كاملة غير منقوصة. بالإضافة إلى تقريب وجهات النظر بما يخص الأزمة السورية بين جميع الأطراف وإعادة الاستقرار للشعب الشقيق والذي يعاني منذ أكثر من عشر سنوات والمساعدة بأن يكون للأردن القريب جغرافيا للأشقاء في سورية في أعمال إعادة الإعمار.
محاولة التقريب بين وجهات النظر في الخلاف السياسي بين الأشقاء المصريين والأتراك وإعادة توليف دول منطقة الشرق الأوسط للمزيد من التآلف والاستقرار لبناء اقتصاديات قوية تقوم على المصالح المشتركة لإنعاش شعوب منطقتنا أمنيا أولا ثم اقتصاديا وهو ما يتضح جليا بالتقارب الإعلامي على الأقل بين كل من القاهرة وإسطنبول والدوحة والرياض في الآونة الأخيرة.
القضية اليمنية أيضا كانت حاضرة في لقاءات جلالة الملك وسعيه لاستقرار اليمن والوصول إلى حلول مناسبة بين الأطراف المتحاربة هناك لإعادة الأمان وتهيئة الشعب اليمني لحياة أفضل. كذلك هي الأزمة الليبية حاضرة وبنفس الأهداف لينعم الشعب الليبي بذات الاستقرار والأمان الذي ينعم به أغلب شعوب الأرض.
من جهة أخرى فإن الأزمة اللبنانية ومعاناة الأشقاء اللبنانيين الجديدة الناتجة عن الخلاف السياسي الداخلي ظاهريا والإقليمي الدولي في حقيقته كانت حاضرة، فإن حرص الأردن على توفير المستلزمات الأساسية والطبية للشعب اللبناني جاء متزامنا مع الدعم السياسي لإيجاد أفضل الحلول السياسية ليعيش الأشقاء اللبنانيون برخاء واستقرار.
في خضم تزاحم الأزمات كما ذكر في منطقتنا العربية والشرق الأوسط وكما أسلفت الذكر فإن الجولات المكوكية لجلالته تدل بشكل واضح على أهمية الدور الأردني البارز والذي يستحوذ على علاقات طيبة مع جميع الأطراف والدول وبشكل رزين ومتوازن والذي يفوق بقدراته الكثير من الدول الأكبر حجما جغرافيا واقتصاديا من الأردن في المنطقة والعالم.