الأردن.. لا يُباع ولا يُشترى

محمود الخطاطبة «إن الذين يعتقدون أن هذا البلد قد انتهى واهمون، والذين يعتقدون أن هذا البلد بلا عزوة واهمون كذلك، والذين يتصرفون بما يخص هذا البلد كأنه (جورعة) مال داشر واهمون كذلك، والذين يتصرفون كالفئران الخائفة على سفينة في بحر هائج سيغرقون هم كما تغرق الفئران وستبقى السفينة تمخر العباب إلى شاطئ السلامة».. كلمات لرئيس الوزراء الأسبق، الشهيد وصفي التل، يجب أن تُطرز بالذهب وتُنحت بالصخر على مدخل كل مدينة من مُدن الأردن. تلك كلمات مُناسبة على ما يُقال ويتم تسريبه هُنا أو هُناك، بحق بلد جذوره ضاربة في أعماق التاريخ، والدلائل والشواهد كثيرة على صدقية ذلك.. فتارة نسمع ترديدا لأسطوانة «مشروخة» عن أن الأردن وطن بديل، وتارة ثانية عن هضم حقوق الفلسطينيين في أراضيهم، وعملية «ترانسفير» باتجاه الأردن، وتارة ثالثة، لم يمض عليها سوى أيام، تتكلم عن «مملكة»، يضيع فيها حق أولئك المُرابطين في أراضيهم، الذين يواجهون أبشع أنواع الاحتلال (الصهيوني)، وطبعا كالعادة على حساب الأردن، وكأنه بلا شعب أو حمى منقوص السيادة. ذلك قولهم بأفواهمم، قد يُراد منه أن يكون بالون اختبار، لعل وعسى، يُحقق أهدافا، بعيدة المنال، على حساب وطن، ضحى أبناؤه بالكثير من دمائهم وجهدهم وكدهم، في محاولة منهم كي يُصبح في مُقدمة الدول، سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وأكاديميا وعلميا وثقافيا، وحتى رياضيا. يتحدثون عن الأردن، وكأنه خال من الرجال والقيادات المُحبة للوطن، والتي تفتديه بالأرواح والدماء والأموال، إلا أن ذلك لا يمنع من التيقض جيدا لمثل هكذا طروحات، أو لنُسميها «هرطقات».. صحيح بأن هُناك مُخططات يتحدث عنها مسؤولون عرب وأجانب، كان آخرها ما جادت به «خباثته» ثعلب السياسة الأميركية، وزير الخارجية الأسبق هنري كيسنجر، حول تغييرات ستشهدها منطقة الشرق الأوسط في قابل الأيام أو الأشهر، وللأمانة الموضوعية يجب أن يُقر الجميع بأن هذا الثعلب «لا ينطق عن هوى». يلوحون بالمساعدات الاقتصادية، مؤكدين بأن الأردن «سيكتوي بنيرانها»، إن لم يتقبل حلولا من هذا الشأن، وكأن هذا البلد هو تحصيل حاصل بالنسبة لهم.. لكنهم لا يعلمون بأن الأردن، تعرض للكثير من الأزمات المفصلية، تمنى الكثير أن يسقط في بعضها، لكنه كان كل مرة يخرج منها سليما معافى، بفضل الله جل في علاه، ثم بحكمة وحنكة قيادته وأبناء وبنات الأردن الأشاوس، ضاربين أروع الأمثلة على التضحيات، حتى لو كانت على حساب قوتهم المعيشي اليومي، فهم نشأوا وترعرعوا على حب الوطن وعدم خيانته أو بيعه بأي ثمن. أتساءل مثل كثيرين، لماذا كل هذه الحقد والحسد على بلد متواضع الإمكانات، قدم الكثير للأمة العربية بشكل عام، والقضية الفلسطينية بشكل خاص.. سؤال إجابته معروفة لدى الجميع، خصوصا لأولئك الذين يُحيكون الخطط والمؤامرات ضد وطننا. بالمقابل، يتوجب على الدولة الأردنية أن تكون أكثر حرصا في الأيام المستقبلية، في مواجهة ذلك الحقد والحسد، وفي نفس الوقت يجب عليها أن تكون أكثر مكاشفة ومصارحة للأردنيين بالذات، حتى يكون الجميع، من مواطنين ومسؤولين، كل في موقعه، على أهبة الاستعداد لما هو قادم. مرة ثانية، أقول عندما تريدون النيل من وطن، رجالاته عظام، ونساؤه ولادات لقيادات تحب الوطن، كما يُحب البعض من أبناء جلدتنا الخنوع والخضوع لأسيادهم، يتوجب عليكم أن لا تستخدموا «لقمة العيش»، أو «التجويع»، فالأردنيون لا يبيعون برخيص.. وعلى رأي حكامنا «أهل القال ما بنباعوا ولا بنشروا». المقال السابق للكاتب للمزيد من مقالات الكاتب انقر هنااضافة اعلان