الأردن.. مع النظام السوري أم ضده؟

بماذا يمكن أن نصف الموقف الأردني تجاه الأحداث في سورية؟ هل هو مع الثورة ضد النظام، أم مع النظام ضد الثورة؟
المتابع لسياسة الأردن منذ اندلاع الانتفاضة الشعبية في سورية سيجد بين يديه معطيات متباينة تصب في اتجاهين متناقضين، الأمر الذي دفع ببعض المحللين إلى وصف الموقف الأردني تجاه سورية بالمرتبك.اضافة اعلان
إذا قلنا إن الأردن ضد النظام السوري، فيمكن لنا أن نسرد أدلة قوية على ذلك. فالأردن دعم قرارات الجامعة العربية بحق سورية، وشارك في بعثة المراقبين، وصوّت لصالح قرار يدين سورية في الجمعية العامة للأمم المتحدة ومن قبل في مجلس حقوق الإنسان، وشارك في مؤتمر أصدقاء سورية الذي عقد في تونس. وفي أكثر من مناسبة، دان وبأشد العبارات العنف ضد المدنيين في المدن السورية، وساند مطالب الشعب السوري بالحرية والكرامة.
في المقابل، هناك من المعطيات ما يشير إلى مساندة الأردن للنظام السوري. فقد رفض سحب السفير من دمشق أسوة بدول خليجية وعربية كثيرة، وأبقى على حدوده مفتوحة لحركة التجارة بين البلدين، وعارض بقوة مطلب المعارضة السورية بالتدخل الأجنبي أو إقامة مناطق عازلة على حدوده الشمالية، وتصدى بقوة لمحاولات تهريب السلاح عبر أراضيه. وأكثر من ذلك، ضيق على النشاطات السياسية للمعارضين السوريين في عمان، واعتقل عددا منهم قبل أن يعود ويفرج عنهم.
والمفارقة أن مواقف الأردن على تباينها لا تعجب النظام السوري ومؤيديه، ولا المعارضة السورية وأنصارها في الأردن.
كلا الطرفين يحاول أن يضغط على الأردن للانحياز إلى جانبه. وفي هذا السياق، يمكن قراءة التقارير الإعلامية التي تتحدث عن تورط الأردن في إيواء مرتزقة عرب وأفغان تمهيدا لنقلهم إلى سورية. لا بل إن بعض التقارير ذهب إلى القول إن المرضى الليبيين ومرافقيهم في الأردن ما هم إلا ثوار يستعدون للدخول إلى سورية للقتال في صفوف الجيش السوري الحر، وأن ذلك كله يتم بترتيب استخباراتي أردني-تركي. الحكومة الأردنية نفت بشدة هذه التقارير التي تعوزها بالفعل المصداقية والدقة.
السياسة الأردنية ما تزال تقاوم الضغوط التي تدفعها للانحياز الكامل لأحد الطرفين المتصارعين، وتسعى جاهدة للاستمرار في مسك العصاة من المنتصف. لكنها لا تكتفي بانتظار التطورات، وإنما تستعد لمواجهة أسوأ سيناريوهات التدخل العسكري الأجنبي أو الحرب الأهلية المزمنة وما ينتج عنها من أزمات إنسانية. وتتولى طواقم سياسية وعسكرية وأمنية في الدولة تحضير الخطط للتعامل مع التطورات المحتملة للملف الإنساني.
يمكن القول إن الموقف الرسمي الأردني من الأحداث في سورية متوازن؛ توازن تقتضيه المصالح الوطنية والمخاوف أيضا. لكن، حتى وإن كان ذلك في تقدير بعض الساسة والمحللين ارتباكا أو غموضا، فإنه يبقى أقل كلفة من خيار دعم نظام يشن حربا دموية على شعبه، أو من خيار التورط في تدخل أجنبي وجر المنطقة إلى مأساة على غرار ما حصل في العراق.

[email protected]