الأردن والسعودية والخليج أكثر من حدود مشتركة

ينظر لموضوع انضمام الأردن لمجلس التعاون الخليجي، بتقاطعات حدوده ومصالحه وعناصر قوته وضعفه، لتبرز أهمية بلورة صيغة أردنية خليجية بأقصى سرعة، تقرأ ما يجري وتستعد لحماية مصالح شعوب الطرفين. اضافة اعلان
ويتأثر الأردن اقتصاديا وسياسيا بما يجري في الإقليم، فحدوده الغربية حاجز أولي أمام هجمة جار يريد أن يلغي الأردن ويمتد عبره، بينما تسخن حدوده الشمالية بفعل الحريق في سورية، وتبقى حدوده الشرقية مع العراق مفتوحة على ما وراءها، لتبقى حدوده الجنوبية مع المملكة العربية السعودية، لتلتقي المملكتان في مخاوفهما وارتفاع نسبة تعرض مصالحهما للمخاطر.
فقرار الحكومة التركية بالموافقة على إقامة رادار الدرع الصاروخية الأميركية والموجهة لحماية أوروبا وإسرائيل ضد أي هجمات صاروخية، وقرارها بطرد السفير الإسرائيلي وتعزيز وجودها العسكري في البحر المتوسط يثير الانتباه. وسبق وحيّرت تركيا الكثيرين في موقفها حيال ما يجري في سورية، في نفس الوقت الذي قال فيه رئيس الوزراء التركي إن القوات التركية البحرية سترافق السفن التركية التي ستنقل مساعدات إنسانية إلى غزة، وأن تركيا اتخذت خطوات لمنع إسرائيل من الاستغلال المنفرد للموارد الطبيعية في شرق المتوسط، والتي وصفتها إسرائيل "بالخطرة والجدية"، بينما التقارير تتحدث عن خططها لمعاقبة تركيا وذلك بالتعاون مع الأرمن والأقلية الكردية، وربما تزويدهم بالمساعدات العسكرية والتدريبية.  
ويدخل الإقليم في موجة صراع على النفوذ والأسواق قد تبدو بعضها جديدة وغريبة (تركيا وإسرائيل)، وأخرى انتقالا من النقيض إلى النقيض (تركيا وسورية، تركيا وإيران)، ويدخل لبنان وحزب الله بتحالفاته مع إيران وسورية، والنزاع على الغاز الكامن في أعماق المتوسط، وسورية المشغولة بأوضاعها الداخلية، ومصر بوزنها وزخم هجومها الشعبي على معاهدة كامب ديفيد وحدودها مع غزةّ حماس وتحالفاتها، وزيارة الرئيس التركي لها لأول مرة منذ خمسة عشر عاما، هذا ناهيك عن أوروبا التي تريد ضمان استمرار تدفق النفط والغاز إليها، والولايات المتحدة بمصالحها وتحالفاتها في أنقرة والرياض والقاهرة وتل أبيب وصراعها مع طهران، وتهديدها للرئيس الفلسطيني بقطع المعونة عن السلطة الوطنية الفلسطينية إن استمر بخطة الاعتراف بالدولة الفلسطينية.  
وتأتي موجة الصراع الإقليمي هذه في وقت شديد الخطورة على القوى العربية المركزية، حيث تعاني زاويتان من أركان مثلث قوتها في مصر وسورية من حالة ضعف وتراجع وانشغال بالوضع الداخلي المشتعل، بينما الزاوية الثالثة في المملكة العربية السعودية تراقب الأوضاع، وقد أحاطت بها التحديات من داخل مجلس التعاون الخليجي في البحرين حتى الآن، وعلى حدودها الجنوبية مع اليمن، وحدودها الشرقية عبر الخليج العربي وإيران على حافته الأخرى، وحدودها الشمالية مع العراق الغنية بالنفوذ الإيراني، وحدودها الغربية المفتوحة على البحر الأحمر وعلى حافته طوفان القلق المصري الداخلي المتشابك بقوة مع معاهدة السلام مع إسرائيل، بينما يستمر حريق سورية بلهيبه الذي يلفح حدودها ويفقدها حليفا موثوقا حتى وقت قريب تحول إلى عبء ثقيل.  
هذه الرؤية الجيوسياسية والاقتصادية، تذكّرنا أن الطبيعة والسياسة والأسواق لا تؤمن بالفراغ، وعلى الأردن ومجلس التعاون الخليجي بقيادة السعودية المبادرة لأداء يشغل الفراغ في إقليمهم وتحصينه بالالتفات إلى مواطنيهم في الداخل لضمان استدامته والاستعداد للقادم قبل قيام قوى الإقليم الأخرى بقضمه.

[email protected]