الأردن والسعودية وقطر

أثار قرار كل من الأردن وقطر بإعادة تبادل السفراء بينهما الكثير من التساؤلات حول الثابت والمتحول في العلاقات الخارجية لكلا البلدين. إذ لم يستفت ولم يُستطلع الرأي العام في البلدين عند سحب السفراء وتخفيض مستوى العلاقات الدبلوماسية بينهما ولا عند إعادة العلاقات. وهو أمر يتفهمه مواطنو البلدين أنه بيد جلالة الملك وسمو الأمير أولاً ويخضع لتوازنات استراتيجية وسياسية ودبلوماسية وتجارية، وفي حالة الأردن يضاف عامل مصالح المغتربين وتحويلاتهم للوطن التي يُراعيها جلالة الملك في صُنع وإدارة وتنفيذ السياسة الخارجية للدولة. بينما لا يوجد بيانات استطلاعات موثوقة توثق الرأي العام القطري حول الموضوع، عبّر الرأي العام الأردني عن موقفه من خلال استطلاع الرأي الثاني لدراسة العلاقات الخارجية الأردنية الذي نفذته نماء للاستشارات الاستراتيجية مؤخراً على عينة وطنية ممثلة من نحو 1200 مقابلة وجاهية غطت مناطق المملكة كافة. الاستطلاع الذي غطى علاقات الأردن مع اربع عشرة حكومة عربية وغير عربية، خلص إلى كثير من النتائج المثيرة للاهتمام حول علاقة الأردن بحلفائه التقليديين والقوى الصاعدة الجديدة في الاقليم والعالم مقارنة بما كانت عليه الحال العام 2017. في العام 2017 كانت السعودية هي الخيار الأول للأردنيين كشريك للأردن في المستقبل. عندما سُئل الأردنيون "إذا كان لك أن تختار البلد الذي تفضل أن يتعاون الأردن معه أكثر في المستقبل، أي بلد تختار؟". اختار 20 % من الأردنيين السعودية، و19 % الولايات المتحدة، 11 % تركيا، و8 % الامارات، 6 % بريطانيا، 5.6 % ألمانيا، و5 % فلسطين، و 2.5 % مصر، و 1.3 % لكل من الصين وفرنسا وقطر. حدث تغيُر العام 2019 في هذه الخيارات مقارنة بعام 2017، إذ تقدمت تركيا لتحتل المركز الأول بنسبة 21 % متقدمة 10 نقاط، تلتها السعودية بنسبة 17.3 % متراجعة نحو 3 نقاط، ثم الولايات المتحدة بنسبة 13.4 % متراجعة 6 نقاط، ثم قطر بنسبة 5.4 % متقدمة نحو 4 نقاط، ثم العراق بنسبة 5 % متقدمة نحو 4 نقاط، ثم فلسطين بلا تغيير، ثم الامارات متراجعة نحو 4 نقاط، ثم الصين متقدمة نحو 3 نقاط، ثم بريطانيا متراجعة بنحو نقطيتين، ثم مصر بلا تغيير، ثم 2.3 % لكل من سورية وروسيا متقدمتين نحو نقطة واحدة لكل منهما. الملفت للنظر هو أن تقدم تركيا وقطر والعراق والصين وسورية وروسيا رافقه تراجع السعودية والولايات المتحدة والامارات وبريطانيا. ووهكذا يكون تَقدَم تحالف تَشكلَ حديثاً ولم تكتمل شروط نضوجه، فيما تراجع تحالف تقليدي مكتمل الشروط وعلى مر عقود من العمل المشترك على المستوى الاستراتيجي. يبقى السؤال هل يستمر هذا التحول البسيط لدى الرأي العام الأردني بذات الاتجاه إذا تغيرت التوجهات المتعلقة بالقضية الفلسطينية والنظام الاقليمي الأمني الجديد؟اضافة اعلان