الأردن والضفة الغربية.. مشاريع طواها الزمن

ينقل مؤلف كتاب "نار وغضب" عن ستيف بانون المستشار السابق لدونالد ترامب قوله إن خطة الأخير لتسوية النزاع العربي الإسرائيلي والمعروفة بصفقة القرن تتضمن إعطاء الضفة الغربية للأردن وقطاع غزة لمصر، ويلمح بانون لكونه صاحب هذا المشروع المدعوم من ترامب. لكن كل ما يورده بهذا الموضوع مجرد أفكار طرحها في حفل عشاء، دون أي إشارة لاحقة لمناقشتها في اجتماعات رسمية في البيت الأبيض أو مع شركاء في المنطقة.اضافة اعلان
لم يمض من ولاية ترامب سوى عام واحد تقريبا، كرس معظمه لإدارة صراعاته الداخلية مع الديمقراطيين ومع فريقه الرئاسي الذي خضع لعمليات تبديل وتغيير قياسية في غضون عدة أشهر. وعلى المستوى الخارجي انهمك في الملفين الكوري والإيراني، إلى جانب انشغاله بتكريس سياساته الانعزالية عن العالم والتنصل من الاتفاقيات الدولية.
ملف المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية حظي بقدر قليل من الاهتمام رغم الشعارات البراقة التي طرحها بشأن صفقة القرن وخطة الحل السريع لأعقد قضايا العالم المعاصر.
مستشاروه، وعلى رأسهم صهره جاريد كوشنير، أجروا سلسلة من المناقشات مع قادة المنطقة، وفي مناسبات محدودة استمع ترامب لتقييم من زعماء عرب لما يمكن عمله لتأمين حل عادل للصراع العربي الإسرائيلي.
رشح الكثير عن لقاءات كوشنير مع مسؤولين كبار في المملكة العربية السعودية حول صفقة القرن، لكن القليل منها يمكن تصديقه، فيما معظم التسريبات تعوزها الأدلة.
هنا في عمان وهناك في واشنطن أجرى كبار المسؤولين الأردنيين مباحثات مع الفريق الجديد في الإدارة الأميركية ومن بينهم بانون نفسه، إلى جانب كوشنير بالطبع. وخلال هذه المناقشات لم يتطرق أحد من الجانب الأميركي لأفكار كالتي أشار إليها الكتاب. وفي معظم الأوقات كان المتحدثون من الجانب الأردني فيما يكتفي فريق ترامب بالاستماع وتدوين الملاحظات.
لم يكن بمقدور كوشنير وغيره من رجال الإدارة الأميركية الجدد أن يخوضوا في مناقشات عميقة بهذا الملف، لجهلهم الكامل كأشخاص قادمين من عالم البزنس بتاريخ الصراع في المنطقة، وعدم إحاطتهم كليا بما تراكم من قرارات دولية ومبادرات سياسية بهذا الخصوص. ولهذه الاعتبارات تعاملوا مع القضية بكل تعقيداتها التاريخية بوصفها صفقة تخضع لقوانين السوق التي خبروها بتجاربهم الشخصية.
لكن كما هو واضح في الكتاب، فإن حديثي العهد في عالم السياسة من فريق ترامب كانوا قد ناقشوا فيما بينهم أفكارا من هذا القبيل، دون أن يدركوا أن مجرد كشفها للرأي العام العربي والفلسطيني سيجعلهم محل سخرية.
هذا الصنف من الحلول لقضية الشعب الفلسطيني طواها الزمن، مثلما طوى أحلام إسرائيل الكبرى ومشاريع الترانسفير. مجرد استذكار مثل هذه الأفكار والقبول بمناقشتها ينطوي على إهانة كبرى للشعب الفلسطيني وكفاحه الطويل من أجل الحرية والاستقلال والدولة المستقلة.
وبالنسبة للأردن هناك من الحقائق التاريخية والسياسية المتراكمة التي يستحيل معها البحث بأي حلول تمس كيان الدولة وهويتها المستقرة، وتتعدى على حق الشعب الشقيق بدولة مستقلة.
من يريد أن يختبر الموقف الأردني فليعد لأرشيف الملك عبدالله الثاني في السنوات الأخيرة قبل أن يتجرأ على طرحها ثانية.