الأردن والمصالحة الفلسطينية

من المقرر أن يكون رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل، قد التقى في عمان أمس بعراب المبادرة الوطنية الفلسطينية للمصالحة بين حركتي فتح وحماس منيب المصري، للتباحث في جهود المصالحة واستعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية، بعد تعثر طويل أضر أساسا بمصالح الشعب الفلسطيني، وضرب قضيته العادلة. اضافة اعلان
لقاء عمان بين مشعل والمصري يأتي في خضم الزيارة المهمة لقيادة حماس إلى عمان، والتي يراهن عليها في إعادة الحياة للعلاقة الطبيعية بين الطرفين، وسط المتغيرات الإقليمية والعربية المتسارعة منذ هبوب رياح الربيع العربي.
واختيار عمان للقاء يبحث المصالحة الفلسطينية الداخلية يحمل أكثر من دلالة ومؤشر. فالمصالحة الفلسطينية واستعادة اللحمة والوحدة بين شطري الوطن المحتل؛ الضفة الغربية وقطاع غزة، هي مصلحة استراتيجية أردنية عليا، لأنها تعزز قوة الموقف الفلسطيني في الصراع مع العدو الإسرائيلي من جهة، وتعزز من تماسك وصمود الشعب الفلسطيني، وقدرته على التصدي للمخططات الإسرائيلية العدوانية، التي تمعن اليوم في الإجهاز على ما تبقى من أرض وحقوق فلسطينية.
بعد مهم في العلاقة الأردنية مع حركة حماس يجب أن يحتل رأس أولويات السياسة الأردنية اليوم، وهو الدفع باتجاه تحقيق المصالحة الفلسطينية الداخلية باعتبارها أولوية وطنية، ويجب أن تتصدر جدول أعمال أي لقاء رسمي أردني بقيادتي حماس وفتح والسلطة الفلسطينية، فدعم الأردن للمصالحة الفلسطينية ليس فقط من باب الواجب القومي والوطني، بل يتعداه إلى باب المصلحة الأردنية الاستراتيجية.
رغم كل المحاولات والمبادرات ومحطات اللقاءات الفتحاوية الحمساوية خلال السنوات العجاف التي تلت الانقسام والانفصال بين غزة والضفة، فإن المصالحة وإنهاء الانقسام ما تزال دونهما المعيقات الكثيرة، والرؤوس الحامية على جانبي الانقسام، ما يستدعي من الأردن، ومن غيره من لاعبين عرب فاعلين، وعلى رأسهم مصر بقيادتها الجديدة، إطلاق مبادرة جديدة وحاسمة هذه المرة، لتحقيق المصالحة الفلسطينية، وعدم المهادنة في الوصول إلى هذا الهدف السامي والاستراتيجي للأردن، ولمصر أيضا، تماما كما هو هدف ومصلحة استراتيجية للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة.
كما أن للأردن مصلحة استراتيجية في دفع المصالحة الفلسطينية، فإن في يد الأردن في الوقت ذاته الأدوات والأوراق التي يمكنه استخدامها وتوظيفها لدفع المصالحة، سواء مع حركة حماس التي تجهد في إعادة علاقاتها الطبيعية مع الأردن لاعتبارات مهمة مفهومة، وأيضا مع حركة فتح والسلطة الفلسطينية.
أمام تعنت إسرائيل، وضربها عرض الحائط باتفاقيات السلام والمواثيق الدولية، بتنكرها لحقوق الشعب الفلسطيني وتسريعها لسياسة الاستيطان وابتلاع ما تبقى من أراض فلسطينية محتلة، يبدو هدف تحقيق المصالحة الفلسطينية الداخلية وإنهاء الانقسام بين الضفة وغزة أمرا ملحا وقابلا للتنفيذ أردنيا، ويمكن للسياسة الأردنية العمل عليه بقوة ومثابرة، ما يصب في المحصلة في التصدي للسياسات الإسرائيلية العدوانية التي تهدد الأردن، كما تهدد فلسطين.

[email protected]