الأردن يخسر

سادت حالة من التشاؤم حيال فرص الإصلاح في الأردن بعد الاستقالة المثيرة لحكومة عون الخصاونة، وتكليف شخصية محافظة بتأليف حكومة جديدة. وعلى المستويين الداخلي والخارجي، اعتُبر الأمر مؤشرا على حالة التخبط والارتباك، ورغبة في شراء الوقت للالتفاف على وعود الإصلاح. اضافة اعلان
بيانات الأحزاب السياسية، ومسيرات الحراك الشعبي، وتعليقات المواطنين، حملت هذا المعنى. وفي الغرف المغلقة، نسمع انتقادات قاسية من النخب السياسية لما يسميه البعض غياب الرؤية وانكشاف النوايا.
تقارير الصحافة الغربية كانت أكثر قساوة على الأردن، ووصفت ما يجري بانتكاسة ونهاية الربيع الأردني. وحفلت مقالات وتعليقات كبريات الصحف العالمية بانتقادات لاذعة وساخرة بحق الأردن. وقد حظيت استقالة الخصاونة باهتمام وسائل الإعلام أكثر من اهتمامها بالحكومة الجديدة وخططها العاجلة لإنقاذ مسار الإصلاحات المتدهور.
المتفائلون بنوايا الدولة الإصلاحية لم يعد بإمكانهم التمسك بمواقفهم أو الدفاع عنها أمام رأي عام محبط ويائس، من كثرة الوعود التي سمعها من غير نتيجة.
ولسوء الطالع، تزامن الشعور بالردة عن الإصلاحات مع أزمة اقتصادية خانقة، وتصريحات رسمية عن قرارات وشيكة برفع أسعار الكهرباء والمشتقات النفطية.
منذ فترة ليست بالقصيرة، توفرت مؤشرات عديدة على أن المرحلة الانتقالية في الأردن تواجه مشكلات عويصة، ناجمة في الأساس عن غياب التوافق في أوساط مراكز القرار بشأن طبيعة الإصلاحات المطلوبة، والفترة الزمنية اللازمة لإنجازها. لم تكن هناك في الواقع أجندة موحدة، بل أجندات متنافرة اصطدمت مع بعضها وبشكل علني أحيانا. وشهدنا نماذج على ذلك في عهدي معروف البخيت وعون الخصاونة.
لقد افتقدنا إلى خطة واضحة للتعامل مع ملفات الفساد، فارتدت الحملة وبالاً على الدولة. ولم نمتلك تصورا لمحتوى قانون الانتخاب المطلوب، وفشلنا في التجسير مع قوى الحراك الشبابي أو التفاهم مع المعارضة التقليدية، لا بل اختلفت مؤسسات الدولة، وعلى نحو مكشوف، بشأن العلاقة مع الحركة الإسلامية مثلا. ويتردد على نطاق واسع حاليا أن الخصاونة دفع ثمن تحالفه مع الإسلاميين خلافا لرغبة جهات في الدولة.
استهلكت المرحلة الانتقالية، لغاية الآن، ثلاث حكومات. والمفارقة أنه ومع كل تغيير، تتفاقم أزمة الإصلاح، ويصبح تحقيق الأهداف أصعب منالا.
واللافت أننا لم نتعلم شيئا من دروس وتجارب الدول العربية التي تعيش مخاضات التحول الديمقراطي؛ لا التجربة المغربية على ما فيها من أوجه تشابه مع الأردن، ولا تجربتي مصر وتونس بكل صخبهما وتنوعهما.

[email protected]