الأردن ينال مراده من أوباما

نال الأردن كل ما كان يطمح به من زيارة الرئيس الأميركي باراك أوباما: ثناء على ما أنجز من إصلاحات سياسية، وإشادة بالانتخابات النيابية الأخيرة، والتزام أميركي بأمن الأردن. وفوق ذلك 200 مليون دولار لدعم الموازنة المثقلة بالعجز والديون وأعباء اللاجئين السوريين، وضمانات قروض لإدامة النمو وتحقيق الإصلاحات الاقتصادية الصعبة. رئيس الوزراء المكلف الدكتور عبدالله النسور، ناله جانب من الدعم الأميركي، فقد ذكره أوباما بالاسم في معرض حديثه عن دعم جهود الملك الإصلاحية. وكان استقبال أوباما في المطار لحظة مناسبة لوزير الخارجية ناصر جودة ليعزز موقفه وسط الجدل النيابي حول استمراره في موقعه في التشكيلة الحكومية الجديدة.اضافة اعلان
بعد التغييرات الهائلة التي شهدها العالم العربي في السنتين الأخيرتين، دخل الشك إلى قلوب حلفاء أميركا في المنطقة، وساد انطباع بأن الإدارة الأميركية يمكن أن تنقلب على حلفائها، وتستبدلهم بالقوى الإسلامية الصاعدة إلى الحكم في مصر وتونس.
زيارة أوباما إلى الأردن بددت هذه المخاوف، وأحيت من جديد الصلات التاريخية الوثيقة بين الحلفاء. ولتأكيد ذلك حرص أوباما خلال المؤتمر الصحافي على التذكير بالسنوات الأولى للصداقة مع الأردن منذ عهد الملك عبدالله الأول.
قال أوباما بوضوح: "إن سبب وجودي هنا أن الأردن هو حليف نقدره بشكل كبير في الولايات المتحدة، وأنه صديق تربطنا به علاقات مميزة".
وأظهر الرئيس الأميركي تقديرا كبيرا للعمل الذي يقوم به الملك عبدالله الثاني في مواجهة التحديات الداخلية والإقليمية.
الأزمة في سورية كان لها القسط الأكبر من مباحثات الملك وأوباما. لايبدو من حديث الرئيس الأميركي وجود تصور متكامل لدى الإدارة الأميركية للحل في سورية، أو نية للتدخل العسكري إلا في حال لجأ النظام السوري إلى استخدام السلاح الكيماوي.
الإدارة الأميركية ستركز في هذه المرحلة على تطبيق خطة لإعادة بناء المعارضة السورية ودعمها بالموارد والتدريب والخدمات، في مسعى لتسريع التحول السياسي "الحيوي" كما قال أوباما، وبما يضمن استمرار مؤسسات الدولة السورية في العمل لتجنب الفراغ وسيطرة القوى المتطرفة والإنقسام الطائفي في سورية.
أوباما يشاطر الأردن قلقه من سيطرة الجماعات المتطرفة في سورية، وستشهد الأسابيع المقبلة عمليات أردنية أميركية منسقة لدعم المعارضة المعتدلة، تشمل تدريب عناصرها في الأردن، وتقديم المساعدات الإنسانية للمهجرين داخل سورية.
لقد نجح أوباما خلال زيارته للمنطقة بترميم العلاقات المتدهورة بين تركيا وإسرائيل، وتمكن من إقناع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتقديم اعتذار لنظيره التركي رجب طيب أردوغان عن الهجوم الذي تعرض له أسطول الحرية التركي الذي كان في طريقه لقطاع غزة، وتقديم تعويضات لأسر الضحايا. عودة العلاقات التركية الإسرائيلية إلى سابق عهدها سيترجم بتعاون مشترك بشأن سورية، وسيكون الأردن طرفا فاعلا في إطار هذا التنسيق.
قبل مجيء أوباما كان الأردن يعلم أن الرئيس الأميركي لايحمل في جعبته أي جديد يذكر لتحريك عملية السلام المتجمدة. أوباما مر على الموضوع سريعا في كلمته، وألقى بالعبء على وزير خارجيته جون كيرى الذي سنشاهده بيننا كثيرا في الفترة المقبلة، تماما مثلما كان الحال مع أسلافه.

[email protected]