الأزمة الاقتصادية: الطاقة والمواصلات

في لقائه مع الإعلام يوم الثلاثاء الماضي، أكد جلالة الملك على أن الأردن يمر بأزمة اقتصادية خطيرة وخانقة، من أبرز معالمها العجز الكبير والمزمن في الموازنة. بالإضافة إلى ذلك، يعاني الاقتصاد الأردني من هشاشة بنيته واختلال تنموي يضعف قدرته على توليد العمالة، وخاصة خارج منطقة الشرق الأوسط. اضافة اعلان
مما لا شك فيه، أن الأوضاع الإقليمية والدولية كانت لها انعكاسات سلبية على الاقتصاد الأردني. ولكن حتى لا نضع اللوم على الظروف وعلى الآخرين، فلا بد أيضا من الإشارة إلى الضعف المزمن في الأداء الحكومي لدفة الاقتصاد، وأقل ما يمكن وصفه بأنه سياسة اقتصادية غير تنموية، وأنها تفتقر إلى رؤية اقتصادية استراتيجية مبنية على إمكانات وموارد البلد الطبيعية والبشرية.
هناك بعدان لا بد أن يشكلا جزءا أساسيا من أي رؤية استراتيجية لحل المشكلة الاقتصادية في الأردن، وهما الطاقة والمواصلات.
بالطبع، فإن هناك تداخلا بين هاتين المشكلتين، ولكن لكل منهما أثره المنفرد على الاقتصاد الأردني. إن ارتفاع فاتورة الطاقة له أثر بالغ على مناحي الحياة الاقتصادية، سواء أكان ذلك على مستوى الصناعة أم على مستوى المستهلك. وقد يكون عدم الاستثمار في الطاقة البديلة ناتجا عن الدعم العربي التاريخي للأردن من خلال الهبات النفطية أو بيع النفط للأردن بأسعار تفضيلية، لكن في الوضع الحالي لم يعد مبررا استمرار الاعتماد على النفط كمصدر للطاقة. ولذلك، فلا بد من الاستثمار الاستراتيجي في الطاقة البديلة، وخاصة الشمسية منها، للوفرة التي يتمتع بها الأردن، ولأنها طاقة مستدامة، وهي على المدى البعيد غير مكلفة.
كذلك، فإن عدم وجود شبكة مواصلات عامة جيدة ورخيصة نسبيا كان له آثار سلبية جسيمة على الاقتصاد وعلى المواطنين على حد سواء. إن ضعف شبكة المواصلات العامة، وخاصة على المستوى الوطني، يقف عقبة أمام الاندماج الاقتصادي والاجتماعي في الأردن. وقد أصبحت الأنشطة الاقتصادية وكأنها في جزر معزولة عن بعضها بعضا. كذلك، تشكل  المواصلات الحالية عقبة حقيقية أمام انتقال العمالة من منطقة إلى أخرى. وبالتالي، باتت سببا رئيسيا من أسباب البطالة، وبخاصة لدى الإناث، ونزف الهجرة الداخلية المستمر.
صحيح أن الاستثمار في الطاقة الشمسية والسكك الحديدية يعتبر مكلفا، وقد لا يكون الأردن قادرا على الاستثمار به وحده. وبالتالي، فلا بد من العمل على إيجاد شراكات مع الدول الأوروبية والدول المتقدمة الأخرى ودول الخليج، ولا بد أن ينظر إليه كجزء أساس من التكامل الاقتصادي العربي والاقليمي.
إن أي استراتيجية اقتصادية مستقبلية لن يكتب لها النجاح إذا لم تأخذ هذين البعدين بعين الاعتبار.
والانضمام لمجلس التعاون الخليجي يشكل فرصة، وذلك من خلال الدعم المالي المفترض للاستثمار في هذين القطاعين. ولكن الخوف هو أن يؤدي هذا الدعم إلى الاتكال والاستمرار في النهج القديم نفسه.