الأزمة السورية: ما يزال الرئيس يعتقد بأنه يستطيع الفوز

قطعة بحرية روسية في طريقها إلى ميناء طرطوس السوري - (أرشيفية)
قطعة بحرية روسية في طريقها إلى ميناء طرطوس السوري - (أرشيفية)

تقرير خاص – (الإيكونوميست) 23/6/2012
ترجمة: علاء الدين أبو زينة
الصور والملصقات التي تحمل صور عائلة الأسد الحاكمة، والتي تحدق من واجهات وجدران المباني الحكومية، أصبحت منذ وقت طويل نشازاً وفقدت التناغم مع عواطف الشعب السوري الذي يشهد مرحلة من التطور السريع. لكن الفجوة بين الرسمي والواقعي في البلاد ما تزال آخذة في الاتساع أيضاً. وفيما يقوم العنف المتفاقم بتنفير السوريين من النظام، يرى النظام نفسه على أنه أقوى مما هو عليه في الحقيقة. ويقول رجل مطلع على نوعية العقلية الرسمية في دمشق:"إنهم يعتقدون أنهم يكسبون ويحققون الفوز الآن".اضافة اعلان
ويعمل ارتفاع عدد الضحايا في صفوف القوات المسلحة، التي أصبحت الآن في الخط الأمامي من المعركة بينما يجري باطراد نشر المزيد من الأسلحة الثقيلة أكثر من أي وقت مضى، يعمل ذلك على تعزيز ادعاء النظام بأنه يحارب جماعات مسلحة على نطاق واسع. ويقوم خصوم الرئيس بشار الأسد في الحقيقة بمنح مزيد من الدعم للجيش السوري الحر، على شكل تجهيزات خام مدعومة بأموال من الخليج، ومعدات اتصالات من الولايات المتحدة.
ويبدو بعض وزراء الحكومة فعلاً غير قادرين على هضم أعمال العنف التي تقوم الدولة بارتكابها. لكن قادة الأجهزة الأمنية يرون التصعيد على أنه الخيار الأفضل -بل والوحيد. ويقول البعض منهم إنه إذا سُمح لهم بزيادة عدد القتلى أكثر من العدد المقدر اليوم بحوالي 12000، و"بتقليص حجم" المعارضة، فإنهم سيستطيعون وضع نهاية للأزمة في غضون عشرة أيام.
وفي الأسبوع الماضي، أفضى تصاعد العنف، بما في ذلك إطلاق النار من المروحيات، إلى جعل بعثة الأمم المتحدة التي تعمل بصفة مراقب في حالة يرثى لها. وفي 16 حزيران (يونيو)، قامت البعثة بتعليق دورياتها بعد أن تعرض بعض مراقبيها الذين يقرب عددهم من 300 شخص لإطلاق النار.
وعلى الرغم من كل ثقته الظاهرية، يعاني النظام السوري من اثنين من المخاوف الرئيسية. الأول هو فقدان السيطرة على دمشق، العاصمة التي يتسلل إليها القلق على نحو متزايد. وقد حطمت الاشتباكات المتكررة بين الجيش النظامي والجيش السوري الحر في مناطق مركزية بالفعل أي أوهام عن السلام في العاصمة. وللحيلولة دون المزيد من زحف المتاعب والمشكلات، دأب الجيش على ضرب ضواحي دوما، وقدسية وحرستا، تاركاً فيها عشرات القتلى. وفي الليل، تقيم قوات الأمن والجنود الخائفين نقاط التفتيش في وسط المدينة.
أما مكمن خوف النظام الثاني فهو فقدان الدعم من روسيا، حليفته الرئيسية، وهو ما يمكن أن يمهد الطريق للعمل الدولي في سورية. ويقول خبراء عسكريون إن هناك سفناً روسية أُرسلت إلى ميناء طرطوس، حيث توجد لروسيا قاعدة بحرية، ليبدو الأمر كما لو ان الروس يستعدون لعمليات إجلاء قادمة، مما يدل على أن الناس في الكرملين يعتقدون بأن الأمور سوف تزداد سوءا. لكن المحاولات الأميركية لجعل روسيا تتوقف عن عرقلة قرارات مجلس الأمن الدولي الرامية إلى إزاحة الأسد لم تسفر عن أي شيء في الاجتماع الفاتر الذي انعقد بين الرئيس باراك أوباما ونظيره الروسي، فلاديمير بوتين، في 18 حزيران (يونيو). وقد تأمل بعض كبار المسؤولين الروس في إمكانية طرح "الخيار اليمني"، حيث جرى الضغط في نهاية المطاف على الرئيس الذي استقر في السلطة منذ فترة طويلة، علي عبد الله صالح، ليتخلى عن منصبه بعد 33 عاما في مقابل الحصول على حصانة من الملاحقة القضائية والاحتفاظ بغيرها من الامتيازات لعائلته.
لكن روسيا ما تزال تمتلك بعض بطاقات اللعب السورية. وهي تستمر في شحن الأسلحة، وفي إصلاح طائرات الهليكوبتر العسكرية، وفي تقاسم المعلومات مع دمشق. كما أنها ربما تقوم أيضاً بحماية الأموال العائدة للمسؤولين ضد عقوبات الأمم المتحدة والغرب، فضلا عن تعزيز احتياطات النقد الخارجي للدولة. لكن أحداً لا يعرف على وجه اليقين كم هو حجم النفوذ الروسي في سورية. وثمة البعض ممن يقولون إن السيد الأسد سيحارب حتى النهاية، مهما تكن المشورة التي تقدمها له روسيا.


*نشر هذا التقرير تحت عنوان:
 Syria’s crisis: The president may think he can win

[email protected]