الأزمة المالية للجامعات الرسمية: قنبلة موقوتة

تعاني الجامعات الأردنية، باستثناء عدد محدود، من أزمة مالية مزمنة، باتت تهدد قدرة الجامعات المالية على الاستدامة، والإيفاء بالتزاماتها بشكل عام، ولموظفيها وأساتذتها بشكل خاص. هذه الأزمة تتفاوت من جامعة لأخرى، ولكنّ عدداً كبيراً من هذه الجامعات يضطر للاستدانة من البنوك لتغطية النفقات الجارية، مثل الرواتب، وما يترتب على هذه الجامعات من أعباء مالية إضافية، إضافةً الى أنها لن تستطيع القيام بمهامها إذا استمر الحال على ما هو عليه. فالحلول التي يمكن أن تلجأ إليها هذه الجامعات أصبحت محدودة جداً. وهناك أسباب عدّة لهذه المشكلة المزمنة، من أهمها: أولاً: إن الدعم المالي الذي تقدمه الحكومة محدود جداّ وقليل، ولا يغطي سوى جزء بسيط من هذه الاحتياجات المالية للجامعات. وفي الوقت نفسه، باتت تحكم سيطرتها على الجامعات، وتعاملها كأنها مؤسسات ودوائر حكومية. ثانياً: بالرغم من زيادة أعداد الطلبة في هذه الجامعات،إلا أن أقساط الطلبة في البرامج القديمة متدنية، ولا تغطي الكلفة الفعلية للطلبة في هذه الجامعات، مقارنة بالجامعات الأحدث، التي استطاعت أن تضع أقساطاً واقعية مقارنة بالكلفة الفعلية للطلبة، الأمر الذي يجنبها الأزمات المالية التي تعاني منها الجامعات . ثالثاً: تضخم الكادر الإداري والخدماتي بالعديد من هذه الجامعات، وارتفاع نسبتهم لأعضاء الهيئة التدريسية بشكل كبير عن المعدل العالمي لهذه النسبة، إذ تجد الجامعات نفسها عاجزة عن حل هذه المشكلة لأسباب عديدة، أهمها أنها لا تستطيع تسريح الأعداد الزائدة لاعتبارات عديدة، أهمها حقوق هؤلاء الموظفين المكتسبة. رابعاً: الإدارات الأكاديمية في هذه الجامعات لا تستطيع أن تفكر بطريقة ربحية والولوج الى المشاريع الاستثمارية التي يمكن أن تساهم في تحقيق إيرادات إضافية لهذه الجامعات. تاريخياً، لجأت الجامعات الى حلول جزئية للتحايل على عدم قدرتها على رفع الأقساط، كاللجوء للقبول الموازي ذي الكلفة المرتفعة للأردنيين، والتوسع في البرامج الدولية لحل مشاكلها. بعض الجامعات بدأت تفكر بحلول غير تقليدية، مثل الجامعة الأردنية التي انتهت من الإجراءات التشريعية لإنشاء وقفية، وإطلاق حملة تبرعات طموحة وواسعة تستنهض مجتمع الجامعة والخريجين، والمجتمع بشكل عام، لدعم خطط تطوير الجامعة. إنه لمن المأمول من هذه المبادرات التخفيف من هذه الأزمة المالية للجامعة، ولكن قد لا تكون كافية لإخراج الجامعة من أزمتها المالية. أزمة الجامعات المالية لها تبعات على قدرة هذه الجامعات في التغلب على التحديات التي تواجهها، ومن القيام بواجبها نحو الطلبة والمجتمع، سواء من توفير البنية التحتية الملائمة للدراسة، أو من الإنفاق على البحث العلمي، أو إيفاد الطلبة للجامعات العالمية لمواكبة تطور المعرفة العالمية، وتسخيرها في خدمة المجتمع. الحلول التقليدية لحل مشكلة الجامعات المالية لم تفلح، ولا يجوز ترك الجامعات لمعالجة أزمتها، ولا بد للحكومة من تحمل مسؤوليتها، والتفكير بطرق خلاقة للاستفادة المثلى من الدعم الذي تقدمه الحكومة للجامعات. الإنجاز في التعليم شكل علامة فارقة في مسيرة التنمية الإنسانية الطويلة، ولا بد من وقفة جادة للمحافظة عليه، لا بل تطويره.اضافة اعلان