الأطفال الموهوبون: رعاية الأهل لا تغني عن الدعم المؤسسي

الأطفال الموهوبون: رعاية الأهل لا تغني عن الدعم المؤسسي
الأطفال الموهوبون: رعاية الأهل لا تغني عن الدعم المؤسسي

فريهان الحسن

عمان – لم يُتم بشار حسين عاهد عشرة أعوام من عمره حتى كان أصغر عضو في هيئة اتحاد الكتاب الأردنيين، وصحافيا في مجلة حاتم، ومحررا في مجلة إبداع، وعضوا في أسرة أدباء المستقبل التي منحته جائزتها عن أفضل مقال أدبي بعنوان “بيت الشعر”.

اضافة اعلان

 ويعدّ الآن دراسة حول “تأثير اللهجة العامية على اللغة الفصحى والإنشاء العربي”. وبقدر ما تبعث هذه المواهب الفذة على الفرح والفخر، لا يخفي والد بشار أسفه من عدم وجود مؤسسات تتبنى دعم وتنمية إبداعات الأطفال، وتكرمهم على انجازاتهم، لاسيما أنه لا يملك القدرة المادية التي تساعد على تنمية موهبة طفله، وتوفير كل ما يحتاجه، كما يقول.

 والد بشار لا يبدو استثناء بين ذوي أطفال آخرين موهوبين في مجالات أخرى متعددة. رندة عمايري، والدة الطفل أحمد عادل سعيد، الحاصل على شهادة “الرخصة الدولية لقيادة الحاسوب” المعتمدة من منظمة “اليونسكو” رغم بلوغه سن الثامنة فقط، تؤكد أن على الأهل وضع خطط معينة لأبنائهم تساعدهم على إدراك كيفية استغلال أوقات فراغهم، ليجعلوا منهم مبدعين ومتميزين حقيقيين “لكن كل هذا لا يكفي مع عدم وجود دعم من الدولة للأطفال الموهوبين” كما تقول، إذ يحتاج هؤلاء الأطفال إلى مراكز معنية توفر لهم المنح والدورات، وتكرمهم على انجازاتهم، دون الاعتماد فقط على الجهود الشخصية للأهالي.

غير أن مديرة مركز زها رانيا صبيح، وهو أحد المراكز التي تهتم بإبداعات الأطفال، تبين أن المركز يقدم أكثر من 35 برنامجا تدريبيا مجانيا للأطفال على مدار العام في مجالات مختلفة، تشمل الرسم، الفنون الموسيقية، الانترنت، الخط العربي، الصحافة والاعلام، الفنون المسرحية والتمثيل، كتابة القصة، ومختلف الفنون اليدوية وغيرها. وتشير صبيح إلى أن المركز أصدر أول صحيفة في الوطن العربي للأطفال، قائمة على تقديم مكافآت للأطفال المبدعين والمتميزين، من خلال تمكينهم من المشاركة في مهرجانات عالمية في دول عربية وأوروبية مختلفة بحسب موهبة كل منهم، فضلا عن المكافآت المادية، حتى يستشعروا أهمية انجازاتهم وإبداعهم. كما تشيد ربا أبو دلو بالدعم الذي تلقته ابنتها نوران ملكاوي من مؤسسة جوردن بيونيرز في صقل مواهب نوران في التمثيل والغناء والرسم وتأليف الأغنيات والرقصات الاستعراضية، وصولاً إلى اختيارها، ولم تتجاوز السابعة من عمرها، من قبل الممثل إياد نصار للمشاركة في “عروض سمسم” التي قدمت في مهرجان صيف عمان.

 كما استفاد شقيقها أنس ملكاوي من البرامج التي يقدمها معهد الفنون الجميلة حتى بات يتقن العزف المحترف على آلة البيانو وهو لا يزال في العاشرة من عمره. وفي ذات الإطار يقدم مركز تدريب الفنون الجميلة دورات مجانية في أساسيات الموسيقى والفن التشكيلي لمدة شهرين خلال فصل الصيف تستهدف طلبة المدارس من سن 7 إلى 16 عاما.

ويبين مدير عام المركز عبدالكريم الجراح أن هذه الدورات ساعدت الأطفال الموهوبين في إبراز إبداعاتهم، وصولاً إلى تخريج عدد كبير من الفنانين الأردنيين منذ إنشاء المعهد في العام 1966. لكن أبو دلو تؤكد على أن الدور الاساسي يقع على عاتق الأهل في اكتشاف مواهب أبنائهم وتنميتها، وسعيهم في البحث عن المؤسسات التي تعنى بالأطفال الموهوبين.

وفي هذا السياق، يذهب المنتج المنفذ لمؤسسة جوردن بيونيرز خالد حداد إلى أن هناك عددا كبيرا من الأطفال ممن يملكون مواهب متعددة، لكنهم لا يعرفون الطريقة المناسبة للتعبير عنها، ولا يساعدهم ذووهم على اكتشافها. ولهذه الغاية تنظم جوردن بيونيرز ورش عمل للأهالي حول كيفية التعامل مع الطفل لاكتشاف مواهبه وتنميتها بطرق حديثة، لاسيما بإعطائه فرصة التعبير عن نفسه التي تعتبر، بحسب حداد، أفضل طريقة لتطوير موهبة الأطفال، إضافة إلى تدريبه على نشاطات مختلفة.

دور الأهل في استثمار مواهب أطفالهم يبدو واضحاً في حالة ليلى سلامة ذات العشرة أعوام، والتي تعد أصغر كاتبة في الأردن. إذ قامت والدتها بتأمين مكتبة واسعة لها، تشتمل على عدد من الموسوعات عن الجسم البشري والأحياء والحيوانات، وكتب وقصص تعلم الطفل المثابرة والعمل والدراسة، وليثمر ذلك مجموعة قصصية وضعتها ليلى باللغة الإنجليزية تحت عنوان “Think About It”، تحمل كل من قصصها العشرة رسالة إلى الأطفال حول المثابرة، واحترام الوالدين، وأهمية شرب الحليب، والأصدقاء، وفلسطين، والتشارك مع الغير، والجد والجدة، وغيرها.

غدير الخفش، والدة ليلى، تشير إلى أن البيئة الصحية التي يعيش فيها الطفل تنعكس على ابداعاته وموهبته، مثل الشعور بالأمان والعطاء، والاستقرار العاطفي، وقنوات الحوار الصحيحة بين الابن والأهل. لكنها تؤكد أيضاً ضرورة توفير الدعم ومتابعة للأطفال الموهوبين والمبدعين من قبل مؤسسات الدولة، كما هو الحال في الدول الأجنبية.