الأطفال.. ليسوا ضمن أولويات الحكومة

الأطفال الذين هم عماد مستقبل الدولة، وتقع عليهم في الأعوام المقبلة، مسؤولية بناء ونهضة وتطور البلد، لم “تكترث” لهم الحكومة، أو نستطيع القول بأنهم ليسوا على أولويات الأجندة الحكومية.اضافة اعلان
عندما يكون في الأردن 640 ألف طفل فقير، أي ما يعادل نسبته 14.5 بالمائة من مجموع الأطفال في المملكة، البالغ عددهم نحو 4.4 مليون طفل، فهذا يعني أننا أمام معضلة كبيرة، لا بل كبيرة جدًا، تُوجب على جميع الجهات المعنية، “الاستنفار”، بكل ما في هذه الكلمة من معنى، من أجل وضع خطط حقيقية واقعية، قابلة للتطبيق على الأرض، لإيجاد حل لهذه “المشكلة”، أو على أقل تقدير، التقليل من آثارها السلبية على الطفل نفسه ومن ثم أسرته والوطن ككل.
وعندما يكون هناك 40 ألف طفل يعانون من الفقر المدقع، وثلث الأطفال يُعانون من فقر الدم، و7 بالمائة من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين العام والعامين “لم يتلقوا أي لقاحات”.. فإن ذلك يستوجب “المبالغة” في وضع أنظمة الحماية الاجتماعية، وتنفيذ “تدخلات” تضمن مستقبلا أفضل للأطفال.
أضف إلى ذلك، أن هناك حوالي 70 ألف طفل عامل في الأردن، من بينهم نحو 45 ألفا يعملون في أعمال خطرة، وقد تكون أعداد العاملين أضعاف هذا الرقم، فالتصريحات الرسمية تؤكد وجود ما يقرب من الـ230 ألف طفل، تتراوح أعمارهم ما بين 5 و17 عامًا، خارج نطاق التعليم، الأمر الذي يعني حتمًا أنهم توجهوا إلى سوق العمل، مع ما يلازم ذلك من تخوفات أن “ينحرفوا” جهة المخدرات والسرقات، أو حتى يصبحوا “لقمة سائغة” لأصحاب وتابعي التنظيمات الإرهابية.
بما أن الحكومة غير مهتمة أو مكترثة بالشعب وتأمينه بالحاجات الأساسية التي كفلها الدستور له، من تعليم وصحة وعمل وبنى تحتية، فعلى الأقل تهتم بفئة الأطفال، التي تُلاقي اهتمامًا من كل دول العالم. فمن حق هذه الفئة، التي ستصبح صانعة التغيير في المستقبل القريب، أن تنشأ في بيئة آمنة، تضمن لها على الأقل صحة وتعليما.
إن خسارة الوطن، ستكون أكبر لو بقي الحال كما هو عليه بالنسبة لـ”مشكلة” الأطفال، فالطفل الذي يترك التعليم ويتجه إلى العمل، وكذلك الذي يُعاني من الفقر، وذلك الذي يُعاني من فقر الدم أو أمراض.. حتمًا سيترك ذلك أثرًا سلبيًا من طرفه تجاه المحيطين به ومن ثم الوطن ومسؤوليه… حتى اقتصاديًا، ستكسب الدولة، ومن قبلها الأسرة، فتكلفة العلاج دومًا أعلى من تكلفة الوقاية.
وحتى لا نكون “سوداويين”، فإن الأردن أحرز تقدمًا في مجالات الرعاية الصحية، لكن الحماية الاجتماعية وتأمين سبل عيش كريم وتعليم وصحة جيدة للأطفال، من شأنها التأثير إيجابًا على رفاه هذه الفئة، وبالتالي الوطن وساكنيه بشكل عام.
إن ذلك يتطلب تحديد نقاط الضعف، وزيادة المخصصات المالية، وخصوصًا تلك المعنية ببرامج مكافحة عمل الأطفال، والتأشير على المناطق “شبه المنسية”، وعمل دراسات تكون من نتائجها النهوض بهذه الفئة وحمايتها وتأمينها بتعليم وصحة جيدين.
ما يمنع أن تكون هناك شراكات حقيقية ما بين القطاعين العام والخاص، لحماية الأطفال وضمان مستقبل أفضل لهم؟ فالكل عليه حقوق يجب أن يؤديها.. فالصحة غير الجيدة للطفل، بالإضافة إلى عمله، يترتب عليها تأثيرات سلبية كثيرة.