الأطفال والغرباء.. كيف يحذر الأهل الأطفال من دون "إفزاعهم"؟!

Untitled-1
Untitled-1

ديمة محبوبة

عمان- "كنا في أحد المولات، برفقتي ابنة أخي، فجأة، أفلتت من يدي، ركضت، ابتعدت، كانت ما تزال على مرأى نظري، تجمع حولها رجلان كبيران في السن، بدآ اللعب والضحك معها، عرضا عليها شراء الحلوى، ركضت باتجاهها، ناديت عليها، وأحد منهما طلب التقاط صورة معها، تلعثمت، ولم أعرف ماذا أفعل في ذلك الوقت".

اضافة اعلان


بهذا تصف ميسر خوالدة، الثواني التي ابتعدت عنها ابنة أخيها، بأنها مخيفة، في إحدى الأسواق، وبعد عودتهما إلى المنزل والحديث مع والدها عما حصل، قال لها "نحن لا نعرف نوايا الناس، لكن عددا من حوادث الاختطاف كانت بتقرب الكبار من الأطفال عن طريق شراء حلويات أو سكاكر، أو أي شيء يجذبهم".


والدها لا يعرف ما وراء نوايا هؤلاء الغرباء من شر أم خير، لكن نصحها بأن التعامل مع الغرباء يجب أن يكون ضمن محاذير معينة، منها الحديث معهم في مكان عام أمام الجميع، بعيدا عن الأماكن المخفية، وألا تبقى على مسافة قريبة منهم، وألا تلتقط الصور معهم، خصوصا أن الغرض منها غير مبرر أو مقبول لعدم معرفة سبب ذلك.


وتبين ميسر، أنها منذ ذلك اليوم وهي تتخيل أنه قد حدث لابنة أخيها أي مكروه لجهلها وخجلها وتلعثمها من التصرف مع الغرباء.
المرشدة النفسية رائدة الكيلاني، تؤكد أن صغار السن لا يعرفون ماذا يعني الغريب، لذا يمكن للأهل تقريب الفكرة، من خلال تاجر الخضار، أو بائع البقالة، أو أي أشخاص يسيرون في الشارع، ولا نعرفهم.


وتضيف "لابد في الوقت ذاته، توضيح أن الغريب لا يعني دائما بالضرورة شيئا خطيرا، إذ يمكن للأبوين ذكر أمثلة لكيفية تصرف الطفل في حالات متخيلة، ويخافون منها مثل، إذا فقدتك في السوبرماركت، اذهب بسرعة إلى المكان الذي ندفع فيه ثمن البضائع، وقل إنك لا تجد والديك".


وتؤكد أن بعض الغرباء يستدرجون الأطفال عن طريق التقاط الصور معهم أو شراء السكاكر والمثلجات لمعرفتهم بأن هذه المأكولات محببة عند الأطفال، أو من خلال وعودهم بالذهاب إلى مكان جميل وممتع كالسينما أو مدينة الألعاب، أو التحدث معهم عن شخصيات كرتونية معروفة، وهذا ما يسمى بفتح باب النقاش الذي يسبب رد فعل أكثر ليونة وكأن هناك حديثا مشتركا، لذا على الطفل الرفض بطريقة جميلة، والذهاب مباشرة إلى والديه، أو إشعار من حوله أنه غير مرتاح، مع الابتعاد عن الشخص الغريب، والحفاظ على مسافة معينة تسمح له بالهروب.


هالة عودة، من ناحيتها، تتحدث عن تجربتها مع بناتها الثلاث، إذ تتحدث معهن منذ طفولتهن حول عدم الجلوس بالقرب من الغرباء، أو الحديث معهم بشكل مطول، وبمواضيع خاصة.


وتضيف "على الأم أن تكون حريصة، وأن تعلم أطفالها الحرص في التعامل مع الغرباء، وفي هذا الزمان، ومن زيادة التواصل مع أشخاص لا نعرفهم عبر ألعاب الفيديو، أو وسائل التواصل الاجتماعي، وعدم إرسال صور عبر التطبيقات المختلفة، كالفيسبوك والانستغرام أو الواتساب".


وتؤكد أنها تحدثت معهن مباشرة، بوجود أشخاص قد يودون استغلالهن، من خلال رؤية صور خاصة، ومن ثم ابتزازهن، بالنقود أو بأمور أخرى كثيرة، "وعلى الرغم من خوفهن من كثرة التحذيرات، إلا أن هذه المخاوف قد تسعفهن للابتعاد عن الخطأ، وأن يكون تعاملهن مع الغرباء بحذر".


وفي هذا المجال، يؤكد اختصاصي علم الاجتماع د. حسين خزاعي، أن هناك الكثير من المعضلات التي تواجه الآباء وتؤرقهم، وأهمها الطريقة المثلى لتشجيع الأطفال على الانخراط في المجتمع وتكوين صداقات، والانفتاح، والجرأة في التعامل مع الآخرين.

ويضيف "يبقى خوف الآباء من وقوع أطفالهم في شراك أشخاص أناس غرباء، لكن هذه القاعدة لا يمكن أن تطبق على الجميع، إذ من الممكن أن تأتي بنتائج عكسية، وتجعل الأطفال أكثر انطوائية، وبالتالي رفض فكرة التعرف إلى الغرباء ومن الممكن أن تضيع فكرة اكتساب معارف وثقافات جديدة".


وتتوافق الكيلاني، مع خزاعي حول هذه المحاذير، وتقول "على الأهل ألا يربطوا أي شخص غريب بأنه خطر أو مزعج، بطريقة ذكية، لأن ذلك قد يسبب عقدة حقيقية للطفل، من التعامل مع أي شخص غريب".


ويؤكد خزاعي "حين يبدأ الأهل بتوعية الطفل عن الأضرار التي قد تنجم عن التحدث إلى أشخاص غرباء، لابد وأن يضعوا في الحسبان أن قدرة الطفل على التحدث عن "الغرباء الكبار" مهارة مهمة، وأن يحذروهم فقط من بعض الملاحظات التي تؤشر إلى أن الشخص المقابل من الممكن أن يكون سيئا".