الأغوار الوسطى: مواطنون بلا ماء ولا كهرباء

حي سكني في سويمة بوادي الأردن مقام على أراضي خزينة محروم من الماء والكهرباء - (الغد)
حي سكني في سويمة بوادي الأردن مقام على أراضي خزينة محروم من الماء والكهرباء - (الغد)
حابس العدوان الأغوار الوسطى– ما بين صيف لاهب وشتاء ترتعد من برده الأجساد، تقضي مئات الأسر التي تقيم منازلها على أراضي الخزينة على امتداد مناطق وادي الأردن حياتها، تنتظر بصبر أن يلوح في الأفق بصيص أمل، بأن تصل الى المعنيين بمناطقهم تعليمات مجلس الوزراء بتفويض الأراضي لساكنيها منذ العام الماضي لينعموا كغيرهم بالكهرباء والماء. فالفرحة بتحقيق حلم بناء بيت العمر لم تكتمل لعدد كبیر من المواطنین، الذین أقاموا منازلھم على أراض مملوكة للدولة أو خارج حدود تنظیم البلدیات في ظل عجز الحكومات المتعاقبة عن ايجاد الحلول لإنھاء معاناتهم، الأمر الذي وضعهم بين خيارين: إما العودة إلى حياة بدائية، أو اللجوء لاتباع طرق غیر مشروعة لتأمين الحد الأدنى من العيش الكريم لعائلاتھم. ويتساءل عدد من ساكني هذه المنازل، أما آن للحكومة أن تضع على أولوياتها تأمين الحياة الكريمة لأبنائها وإيجاد الحلول لإنهاء معاناتهم؟، مشيرين إلى انه يصعب وصف المعاناة التي يعيشها الأطفال والنساء جراء حرمانهم من خدمات الماء والكهرباء والأخطار التي تحدق بهم نتيجة ذلك. ويؤكد أصحاب منازل أن الحكومة تتحمل المسؤولية الكاملة ازاء معاناتهم، كونها لم توفر لهم أراضي سكنية كغيرهم من أبناء الوادي، وعدم السماح بإيصال الخدمات لمنازلهم المقامة، موضحين أن الفقر والحاجة وارتفاع ثمن الأراضي حرمتهم حتى من التفكير في شراء قطعة أرض خاصة لبناء مسكن داخل حدود التنظيم. ويرى المواطن محمود الجعارات من بلدة سويمة، أن ما يزيد على 50 عائلة تسكن في المنطقة المحاذية لأراضي بلدية سويمة محرومة من الخدمات الضرورية كالماء والكهرباء والشوارع، موضحا أنه مضى على معاناتهم عشرات السنين مع استمرار رفض الجهات المعنية ايصال الخدمات لهم، بحجة ان منازلهم مقامة على اراضي خزينة وتقع خارج تنظيم البلدية. معاناة أهالي المنطقة بحسب الجعارات دفعتهم إلى استجرار التيار الكهربائي بطرق غير مشروعة، رغم علمهم أن ذلك مخالف للقانون وقد يشكل خطرا على حياتهم وحياة ابنائهم، الا انهم يضطرون لذلك لتأمين النور والماء البارد لأبنائهم صيفا والدف شتاء. ويصف عبدالله الملطعة من منطقة سد الكرامة اوضاع الاهالي بأنها صعبة للغاية، خاصة خلال أشهر الصيف في ظل درجات الحرارة وعدم وجود الكهرباء او المياه، لافتا الى ان جميع السكان يشترون مياه الشرب من الصهاريج التي تبيعهم المتر الواحد بأربعة دنانير، في حين ما زالوا يستخدمون وسائل الإضاءة التقليدية التي تعمل على الكاز، ما يزيد من أعباء الأسر المادية والتي تعاني اصلا من أوضاع صعبة للغاية. ويقول محمد عبدالله من سكان ديرعلا إن معاناتهم تتفاقم يوما بعد يوم مع ازدياد الحاجة للكهرباء والماء خاصة خلال أشهر الصيف، لافتا إلى أن آمالهم بعيش كريم مع بناء المنزل وجمع شمل العائلة تحت سقف واحد لم يتحقق إلى الآن، في ظل رفض الجهات المعنية ايصال الخدمات لهم. ويوضح عبدالله أنه كغيره من الاهالي في عدد من التجمعات السكانية في ديرعلا والشونة الجنوبية كانوا يعيشون حياة بؤس وشقاء ومعاناة قبل بناء منازلهم، سواء العيش في الخيام او في منازل الاسرة الكبيرة، مبينا ان غالبيتهم استدانوا وتحملوا ديونا طائلة من أجل بناء هذه المنازل، الا أن الحظ العاثر ما يزال يلازمهم مع حرمانهم من أبسط الحقوق. ورغم أن مجلس الوزراء كان قد وافق العام 2018 على البدء بإجراءات لإیصال الخدمات للأبنیة السكنیّة المقامة على أراض تابعة للخزینة، قبل تاریخ 16 أیلول (سبتمبر) 2018، من خلال تفویضھا لساكنیھا مقابل أسعار تراعي إمكانات المواطنین إلا أن المعنيين في اللواء يرفضون بحجة عدم وجود أي تعليمات. ويؤكد رؤساء بلديات ديرعلا والشونة الجنوبية وسويمة، أن آلاف المنازل الموزعة في مختلف مناطق لواءي ديرعلا والشونة الجنوبية، لا تتوفر فيها الخدمات الرئيسة كالماء والكهرباء، كونها مبنية على أراض خزينة أو أراض زراعية، موضحين أن القانون يمنع ترخيص هذه الأبنية، وعليه فإن البلديات لا يمكن أن تمنح أي مواطن إذن أشغال أو عدم ممانعة لإيصال الخدمات لمنزله. وبحسب مدير كهرباء الشونة الجنوبية غازي الشنيكات، فان ايصال التيار الكهربائي لأي منزل يحتاج إلى موافقات تنظيمية سواء من دائرة الأراضي أو البلدية أو السلطة وأي منازل مقامة على اراضي الخزينة او خارج التنظيم، موضحا ان الشركة لا يمكنها بأي حال ايصال التيار الكهربائي لهذه المنازل الا بعد الحصول على الوثائق المطلوبة كسند تسجيل وإذن أشغال أو عدم ممانعة.اضافة اعلان