الأمم المتحدة لا تحل النزاعات

هآرتس
تسفي برئيل
23/9/2022

احتفال الجمعية العمومية للأمم المتحدة هو ناد يعود للدول القوية. من سمع في أي يوم خطابا لحاكم زيمبابوي أو حضر أمس المؤتمر الصحفي الذي قام بعقده ممثل الأمم المتحدة من أجل الإبلاغ عن وضع حقوق الإنسان في مينمار أو كلف نفسه بالاستماع الى تقرير عن الوضع في اثيوبيا؟. في الهيكلية الهرمية للاهتمام الدولي، رئيس الولايات المتحدة، جو بايدن، هو النجم الذي جميع الآذان مشنفة للاستماع الى كل كلمة تخرج من فمه. كيف سيرد على تجنيد القوات الذي أعلن عنه رئيس روسيا فلاديمير بوتين، ما الذي سيقوله عن تهديد استخدام السلاح النووي وعن الاتفاق النووي، هل ربما يعطي إشارة على النزاع بين إسرائيل والفلسطينيين.؟ كل الزعماء الآخرين سيتم استخدامهم، في أفضل الحالات، كعروض تسخين.اضافة اعلان
نظريا، لكل واحد من زعماء الـ193 دولة الأعضاء في الأمم المتحدة، تم تخصيص 15 دقيقة، التي هو يكون فيها الممثل الوحيد على المنصة. فعليا، تجري مفاوضات بين الزعماء على الوقت المخصص؛ حيث يمكن للزعماء شراء فترة أطول أو يمكنهم الاستخفاف بالقواعد، مثل فيدل كاسترو الذي ألقى الخطاب الأطول، 269 دقيقة، في العام 1960، أو معمر القذافي الذي أسمع توبيخاته لمدة 90 دقيقة في العام 2009.
في كل سنة يثور من جديد النقاش حول جدوى انعقاد الجمعية العمومية. المتشددون يشككون في وجود مؤسسة الأمم المتحدة بأكملها. مع ذلك، الجمعية العمومية التي لا ترقى سلطتها الى مستوى مجلس الأمن تحاول على الأقل وضع جدول أعمال دولي، حتى لو كان في عدد محدود من القضايا مثل الجوع واللاجئين والاتجار بالنساء والحرب ضد المخدرات وحقوق الإنسان، وصياغة موقف دولي متفق عليه، كما يبدو، بشأن النزاعات الدولية وتصنيفها حسب مستوى الخطر الذي تشكله على العالم، أي على العالم الغربي.
مجموعة الأزمة العالمية، معهد الأبحاث المرموق الذي يوجد في عضويته كبار الخبراء والدبلوماسيين والباحثين، حدد في هذه السنة عشر بؤر نزاع أساسية ستشغل العالم في السنة المقبلة، على رأسها تقف الحرب في أوكرانيا وبعدها الحرب بين النظام في اثيوبيا والأقلية التيغرية، والكارثة الإنسانية في أفغانستان تحتل المكان الثالث. بعدها يظهر التوتر بين أميركا والصين، المواجهة بين إيران وبين إسرائيل والولايات المتحدة، الوضع في اليمن، النزاع بين إسرائيل والفلسطينيين، فقدان السيطرة في هاييتي، الوضع في ميانمار، وفي نهاية القائمة يحذر المعهد من تهديد الإسلام في الدول الافريقية.
درجة الأهمية والتهديد التي تكمن في كل نزاع من هذه النزاعات هي أمر مختلف عليه. ولكن القاسم المشترك بين هذه النزاعات هو أنها نزاعات ناضجة، نزاعات أثبتت درجة تهديدها وخطورتها. بعضها أدى الى موت عشرات آلاف الأشخاص، وبعضها يميز وضع متواصل لديه إمكانية كامنة لاندلاع مواجهة دولية. وهناك خاصية مشتركة لها، وهي أنه لا يوجد في أي واحد من هذه النزاعات إمكانية للجمعية العمومية بأن تقترح حلا متفقا عليه يمكن أن يؤدي الى نهايتها.
حروب الشرق الأوسط
هذه القائمة الجزئية لا تتطرق الى سلسلة طويلة من النزاعات المحلية التي لا تتوقع أبدا تدخل المنظمة الدولية، رغم الأضرار، الموت والدمار، التي حدثت وتحدث لملايين الأشخاص. الشرق الأوسط وحده مشبع بالنزاعات التي تعد نزاعات ثانوية أو محلية يجب أن تقف في الطابور الطويل قبل أن تصل الى طاولة الجمعية العمومية أو مجلس الأمن أو إحدى الدول العظمى التي سترعاها وتستخدم نفوذها من أجل حلها.
سورية، العراق، لبنان وليبيا، هي الأمثلة البارزة وهي ليست الوحيدة. في سورية تستمر منذ 12 سنة الحرب بين النظام وبين المواطنين. التقديرات تظهر أن هناك أكثر من نصف مليون شخص قتلوا فيها، ونحو سبعة ملايين لاجئ سورية هربوا من الدولة وهم يوجدون في دول أخرى، بالأساس في تركيا وألمانيا ولبنان. والعدد نفسه من المواطنين تم اقتلاعهم من بيوتهم. يبدو أن الحديث يدور عن نزاع داخلي محلي، لكن على الأقل أربع دول أعضاء في الأمم المتحدة؛ إسرائيل وإيران وتركيا وروسيا، تتصرف في هذه الدولة مثلما تتصرف في دولها.
روسيا بادرت في الحقيقة الى خطوات دبلوماسية من أجل إنهاء الحرب، لكن هذه الجهود لم تثمر حتى الآن. في الأعوام 2013-2015 اتخذ مجلس الأمن قرارات مثيرة للانطباع التي فيها تم الطلب من سورية الكف عن الذبح وإقامة نظام تمثيلي وعدم استخدام السلاح الكيميائي. الورقة التي كتبت عليها القرارات بليت منذ وقت طويل، والآن لا تظهر أي مبادرة دولية لإنهاء الحرب. كل ما بقي هو جهود إقناع للسماح بحركة قوافل المساعدة لمواطني سورية وكتابة تقارير دورية عن وضع حقوق الإنسان في الدولة.
الاتحادات؛ الروسي والإماراتي والمصري والفرنسي، أيدت الجنرال الانفصالي خليفة حتر. حتى الآن لم يحسم أي طرف هذا الصراع، والخاسرة الأساسية هي ليبيا. الحرب في اليمن، التي تحظى الآن بأشهر عدة من وقف إطلاق النار، تشارك فيها السعودية ودولة الإمارات من جهة، وإيران وأذرعها من الجهة الأخرى. الأمم المتحدة في الواقع اعتبرت العراب لوقف إطلاق النار الذي تم التوقيع عليه في شهر نيسان، لكان مبعوث الأمم المتحدة سيواصل التحرك في جولات مكوكية في جنوب الصحراء العربية.
كم من الوقت سيستمر وقف إطلاق النار، وهل هناك احتمالية الى أن تتطور الى اتفاق سلام؟ النتيجة لا تتعلق بالأمم المتحدة، بل بترتيب المصالح المحلية لكل دولة من الدول المشاركة في هذه الحرب. رافعة الضغط الثقيلة يحتفظ بها المجتمع الدولي؛ أي أوروبا والولايات المتحدة، للتهديدات الموجهة ضدها بشكل مباشر. تجنيد رافعة الضغط هذه لحل نزاعات محلية، حتى لو كانت ذات إمكانية كامنة لتدمير مستقبلي، تعد ليس فقط تبذيرا يمكن أن يتلفها وعرضها كعديمة الجدوى، وبذلك يتسبب في تآكل قوة ردعها وتأثيرها عندما تدعو الحاجة الفورية الى استخدامها ضد تهديد عالمي.