الأمير علي يخوض انتخابات "الفيفا" بتجربة غنية وسيرة نظيفة

مقعد رئاسة الفيفا ينتظر الفائز في الانتخابات المقبلة - (رويترز)
مقعد رئاسة الفيفا ينتظر الفائز في الانتخابات المقبلة - (رويترز)

تيسير محمود العميري

عمان- يترقب المعنيون بكرة القدم يوم الجمعة 26 شباط (فبراير) المقبل، حيث يتم انتخاب رئيس جديد للاتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا"، خلفا للرئيس المستقيل والموقوف في آن واحد السويسري جوزيف بلاتر، حيث أعلنت لجنة الانتخابات في "الفيفا" يوم الاربعاء الماضي، اعتماد سبعة مرشحين للانتخابات الرئاسية وهم: سمو الأمير علي بن الحسين والسويسري جاني اينفانتينو والشيخ سلمان بن ابراهيم ال خليفة والفرنسيان ميشال بلاتيني "موقوف حاليا" وجيروم شامباني والجنوب افريقي طوكيو سيكسويل والليبيري موسى بيليتي، بعد أن أقفل باب الترشيح لانتخابات رئاسة الفيفا منتصف ليل الاثنين الماضي على ثمانية مرشحين، لكن تم استبعاد ترشيح الترينيدادي ديفيد ناكيد لعدم حصوله على خمسة خطابات تأييد من الاتحادات الأهلية، فيما يتوجب على المرشحين السبعة انتظار "تقييم نزاهة المرشحين" من قبل اللجنة الانتخابية.اضافة اعلان
اهتمام أردني وعربي بالانتخابات
الشارعان الأردني والعربي يبديان اهتماما بالانتخابات المقبلة في ظل وجود مرشحين عربيين عن القارة الآسيوية، فيما تبدو "إمبراطورية الفيفا" غارقة في الفوضى، جراء الكم الهائل من الفضائح وصور الفساد المالي والاخلاقي المكتشفة بشكل متتال، فيما يتوقع الكثيرون أن تشهد الايام المقبلة مزيدا من اوجه الفساد التي سيتم الاعلان عنها لاحقا، بعد أن سقط بلاتر ومعظم مساعديه الغارقين في الفساد، والذين لوثوا سمعة كرة القدم وجعلوا "الفيفا" مثالا للفساد بدلا من اللعب النظيف والروح الرياضية.
حراك غير طبيعي
الساعات القليلة التي سبقت اغلاق باب الترشيح للانتخابات، شهدت حراكا غير طبيعي ومفاجآت قلبت التوقعات، عندما دخل "حلبة المنافسة" أمين عام الاتحاد الاوروبي جاني اينفانتينو ورئيس الاتحاد الآسيوي الشيخ سلمان بن ابراهيم والجنوب أفريقي طوكيو سيكسويل، ما جعل التكهن بهوية الرئيس الجديد للفيفا امرا مستحيلا.
مشهد غارق بالفوضى
المشهد الحالي للانتخابات غارق بالفوضى كحال الاتحاد الدولي، ويبدو الانقسام واضحا في القارات الثلاث التي دفعت بالمرشحين السبعة، ما يؤكد بأن حسم الصراع من الجولة الاولى يعد أمرا غير ممكن، لأنه ما من مرشح قادر على الحصول على أصوات ثلثي عدد أعضاء الجمعية العمومية، والتي يبلغ عددها 209 اتحادات ستصبح 207 في حال استمرار إيقاف الاتحادين الاندونيسي والكويتي، لأن المرشح في حاجة إلى 138 صوتا للفوز، وهو أمر لم يتحقق حتى في الانتخابات الماضية التي اقتصرت على سمو الأمير علي بن الحسين والرئيس المستقيل جوزيف بلاتر، حيث حصل بلاتر على 133 صوتا مقابل 73 صوتا للأمير علي، واحتاج الأمر إلى جولة ثانية كانت ستتم وفق قاعدة "النصف +1".. أي أن المرشح سيحتاج إلى 104 اصوات للفوز، لكن الأمير علي آثر الانسحاب آنذاك.
من هنا فإن الانتخابات المقبلة لن تحسم في الجولة الاولى، وسيحتكم اعلى مرشحين حصولا على الاصوات بعد استبعاد الآخرين إلى جولة ثانية وحاسمة.
الطريق إلى الرئاسة
الطريق إلى مقعد رئاسة "الفيفا" لن تكون معبدة مطلقا، بل ستكون مليئة بـ"المطبات" والمفاجآت ولن تخلو من "المؤامرات".
الانقسام الحالي يشير إلى وجود ثلاثة مرشحين من القارة الاوروبية وهم: الفرنسيان ميشال بلاتيني وجيروم شامباني والسويسري جاني اينفانتينو، ومن المتوقع أن تتوحد القارة الاوروبية بشكل غير كلي في حال انسحاب اينفانتينو، اذا ما تمت تبرئة بلاتيني من تهم الفساد والرشوة، فيما ينتظر أن ينسحب شامباني اذا ما اقتنع مبكرا بعدم وجود حظوظ كافية له للفوز، وتملك اوروبا 54 صوتا، حيث يمكن لسمو الأمير علي بن الحسين الحصول على دعم العديد من الاتحادات الاوروبية وعلى رأسها الانجليزي، طالما أن الانتخابات تتم بـ"الاقتراع السري"، وتتجنب الاتحادات الأهلية بذلك الحرج امام المرشحين، ومن الواضح أن الاوروبيين يريدون بـ"أي ثمن" مواصلة الهيمنة على رئاسة الفيفا التي دانت لهم باستثناء فترة البرازيلي جواو هافيلانج.
ودفعت القارة الافريقية بمرشحين هما رجل الاعمال الجنوب الافريقي طوكيو سيكسويل والليبيري موسى بيليتي، وتملك هذه القارة 54 صوتا، لكنها قد توجه غالبية الدعم لسيكسويل اذا ما تخلت عن نهجها السابق في دعم المرشحين الاوروبيين، بفعل انحياز رئيس الاتحاد الافريقي الحالي والمكلف بمهام رئيس الفيفا حاليا عيسى حياتو وعضو اللجنة التنفيذية للفيفا المصري هاني بريدة، لجوزيف بلاتر ضد الأمير علي في الانتخابات الماضية.
القارة الآسيوية اقتصرت على مرشحين هما سمو الأمير علي بن الحسين النائب السابق لرئيس الفيفا عن القارة الآسيوية، ورئيس الاتحاد الآسيوي الحالي الشيخ سلمان بن ابراهيم، وفي هذه القارة يبعث المشهد على الحزن والارتياب، ذلك أن دخول الشيخ سلمان على خط المنافسة يعني لكثير من المتابعين "التخريب" على حظوظ الأمير علي في الوصول إلى "قارة آسيوية موحدة"، حيث تملك آسيا 46 صوتا ستتقلص إلى 44 في حال تم منع الاتحادين الكويتي والاندونيسي من التصويت بفعل ايقافهما من قبل الفيفا.
وشكلت التصريحات الاخيرة لرئيس المجلس الأولمبي الآسيوي الشيخ احمد الفهد صدمة هائلة للجمهور العربي، ذلك أنه قال في تصريحات صحفية بأنه سيتم سحب ترشيح الشيخ سلمان لصالح ميشال بلاتيني في حال تمت تبرئة الاخير من التهم المسندة إليه، وفي هذا التصريح "استفزاز" للمشاعر الأردنية والعربية، لأنه في الاصل يجب أن لا "ينزل" الشيخ سلمان للانتخابات في ظل حصوله على منصبين رفيعين "رئيس الاتحاد الآسيوي ونائب رئيس الفيفا"، حتى يحافظ على الموقف العربي موحدا، لاسيما أن سلمان لم يخض الانتخابات السابقة ضد بلاتر، كما أنه من الاصح أن يتم الانسحاب لصالح الأمير علي وليس لصالح بلاتيني، لكن يبدو أن موقف الشيخين الفهد والسلمان اتضح جليا، بأنه ضد الأمير علي فقط، وأن الحديث عن وعود سابقة أعطيت لبلاتر كان بمثابة محاولة يائسة لتبرير الاصطفاف ضد المرشح العربي.
من هنا واذا تكرر موقف اصطفاف الشخصيات العربية المؤثرة في القارتين الآسيوية والافريقية، فإن ذلك سيؤثر على حظوظ الأمير علي سلبا، خصوصا أن الدعم الاكبر قد حصل عليه الأمير علي في الانتخابات الماضية من القارة الاوروبية، ومع ذلك فإن الأمير علي الذي سيبلغ الأربعين من عمره عند حلول الانتخابات المقبلة، يعول كثيرا على جمعه بين حيوية الشباب وخبرة الكبار، بفضل عمله لنحو 17 عاما مع الكرة الأردنية و16 عاما مع الكرة الآسيوية بما فيها منصب نائب رئيس الفيفا لمدة أربع سنوات، وخبرته التي اكتسبها في العملية الانتخابية الماضية، وتمتعه بكل صفات الاحترام والنزاهة ونظافة اليد، وامتلاكه برنامجا انتخابيا مثاليا يراعي ظروف ومصالح جميع أعضاء الجمعية العمومية.
56 صوتا بيد الجميع!
اتحادات الكونكاكاف "أميركا الشمالية والوسطي والكاريبي" ولها 35 صوتا، واقيانوسيا ولها 11 صوتا، وأميركا الجنوبية ولها 10 أصوات، لم تدفع بأي من مرشحيها، حيث تم رفض قبول ترشيح الترينيدادي ديفيد ناكيد وهو من "الكونكاكاف"، وبالتالي سيحاول المرشحون السبعة او من سيصل في نهاية المطاف إلى يوم الانتخابات، الحصول على تلك الاصوات في حال اصطفت الاتحادات القارية الاخرى بشكل مطلق او نسبي مع احد مرشحيها، وهي التي ستشكل الفارق الذي يغلب كفة مرشح على حساب آخر.
الايام المقبلة ربما تشهد مناظرات بين المرشحين وانسحاب بعضهم في حال إزدادت الصورة التنافسية وضوحا، ولم يعد من حديث عن تمتع بلاتيني بالحظ الاوفر للفوز جراء الفضائح، وهو الامر الذي ادى بالاتحاد الاوروبي للجوء إلى الخطة البديلة والدفع بمرشح اوروبي قوي للحلول مكان بلاتيني في حال عدم قبول ترشحه بشكل قطعي، وتبقى قلوب الأردنيين والعرب معلقة بالأمير علي وتدعو له بالتوفيق، لكي تتكلم رئاسة الفيفا بالعربي للمرة الاولى عبر التاريخ.