الأنماط الإدارية وكورونا

فرضت جائحة "كورونا" والإجراءات الحكومية الوقائية للحد من تفشيها، تحديات إدارية كبيرة أمام قطاعات واسعة من منشآت الأعمال المختلفة.اضافة اعلان
الى جانب طبيعة عمل المؤسسات ومنتجاتها، لعبت الأساليب والأنماط الإدارية المستخدمة في منشآت الأعمال، دورا حاسما في درجة تكيّف المؤسسات مع حالات الإغلاق الاقتصادي متفاوت المستوى طيلة الأشهر الماضية، وفي قدرة هذه المؤسسات على الاستمرار في العمل طيلة فترات الإغلاق.
قبل حدوث الجائحة، كانت بعض مؤسسات الأعمال تسمح للعديد من العاملين فيها بالعمل عن بعد في مهن تسمح بذلك، مثل الاستشارات والبحوث والبرمجة والمحاسبة والتدقيق والإعلام وغيرها من القطاعات.
وامتلاك الأردن لبنية تحتية جيدة في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ساعد بشكل كبير على تمكين قطاعات أعمال عديدة من تسريع تحولها للعمل عن بعد باستخدام تقنيات الاتصال والمعلومات، وهذا يشكل دافعا للتوسع في عمليات التطوير في مجال الاتصال والمعلوماتية.
وكان واضحا أن المؤسسات التي كانت طبيعة عملها تسمح بأداء المهام عبر أدوات العمل عن بعد، وتستخدم أساليب وأدوات إدارية متقدمة، تمكنت من الاستمرار في عملها طيلة فترة الإغلاق، وقللت بشكل كبير من توقف أعمالها.
حتى تلك المؤسسات التي كانت تستخدم أساليب إدارية تقليدية تعتمد على تواجد العاملين داخل المؤسسات، اضطرت الى قبول فكرة العمل عن بعد، حيث لا خيارات أمام إداراتها سوى الاستمرار في العمل.
وقد اكتشفت الكثير من منشآت الأعمال بالتجربة العملية، أن العمل عن بعد سيكون أكثر فاعلية من العمل داخل المؤسسات، وخاصة في المهن التي يمكن قياس أداء العاملين فيها بالمنتج النهائي الذي يؤديه العامل أو فريق العمل.
تاريخيا، كانت التطورات التقنية المختلفة تؤدي الى تراجع واندثار العديد من المهن والوظائف، وكانت في الوقت ذاته تخلق فرص عمل جديدة، وتزيد من الإنتاجية.
إلا أن تحدي تطوير أساليب الإدارة لمنشآت الأعمال، لن يقف عند فترات تعطل الأعمال، بل سيمتد لما بعد ذلك، ويفترض أن تقوم مختلف الإدارات في مؤسسات الأعمال بمراجعة مختلف الأنماط والأساليب والأدوات الإدارية، باتجاه التوسع في العمل عن بعد، بما في ذلك الاجتماعات، ففي ذلك تقليص للنفقات، وعدم التوسع في استخدام المكاتب والمقرات وقاعات الاجتماعات الكبيرة، وما يترتب على مختلف ذلك من نفقات يمكن توفيرها.
ومن شأن تكريس ثقافة وممارسة العمل كذلك، تسهيل حياة وأعمال العاملين والعاملات؛ حيث تضيع عشرات الساعات أسبوعيا في التنقل بين أماكن إقامتهم وأعمالهم، الى جانب التخفيف من النفقات على المواصلات.
وعلينا أن لا نغفل أمرا في غاية الأهمية، أن توسع ممارسة العمل عن بعد، لا يعني بأي شكل من الأشكال التهرب من تقديم الحمايات الاجتماعية للعاملين، لا بل يجب التشديد على ضرورة تسجيل العاملين والعاملات كافة في منظومة الضمان الاجتماعي، وهذا يتطلب مراجعة نظام العمل المرن رقم (22) لسنة 2017، باتجاه تنظيم هذه الأعمال وحماية العاملين فيها.