الأهم تدمير الشرق الأوسط

هآرتس

اسحق ليئور

لم تكد تبدأ الحرب لداعش حتى أخذ العالم أو الغرب يهيننا. فالرؤساء يرسلون طائرات وقوات صاعقة، فكيف يتجاهلوننا نحن الذين سمينا كل جماعة مسلحة في جنوب لبنان "ارهابا"، وكل رمي ناقلة جنود مدرعة بحجر وكل رفع لعلم فلسطين سميناه ارهابا، ونحن الذين سجنا الاولاد واستنبتنا الارهاب في سجوننا وفي أقبية التحقيق وعند الحواجز؛ ودمرنا المساجد في 1948؟ فالى متى سنبقى معشوقة الغرب السرية الذين نأتي الى تلك الاحتفالات في الظلام فقط من الباب الخلفي لأن ذلك يضايقهم؟.اضافة اعلان
كان درك الاذلال في الهجوم الاميركي على العراق في كانون الثاني 1991 الذي ابتدأ خرابها باسم الحرية، بالطبع. وكشفت صحفنا عن مشايعة للهجوم الذي كان ينظم منذ صيف 1990 دون أن تسأل اسئلة اخلاقية أو نفعية.
وانقسم اصحاب المقالات الصحفية كما يناسب الديمقراطية في جميع الصحف بين متفائلين وعدونا بأن بوش (الأب) سيهاجم، ومتشائمين حذروا آنذاك من تداعي أميركا، ويا لمبلغ فرحنا – كان – حينما بدأ الهجوم. فقد هاجم أهم أدبائنا وفنانينا بسبب العداوة لصدام ولهتلر، هاجموا اليسار الاوروبي الذي اعتاد أن يتظاهر معترضا على العدوان الاميركي فيما يشبه رد الفعل الشرطي منذ ايام فيتنام.
لكن الغرب أمرنا بأن نجلس في صمت حتى لو أطلقوا النار علينا بخلاف روح البطولة وبخلاف استراتيجية جهد اندماج فاعل في المنظومة العسكرية الغربية، بكل ثمن. ووزعوا علينا أقنعة وقعدنا في غرف مغلقة وشعرنا مثل ضحايا عراقيين.
وحينما انتهى الهجوم بدأت العقوبات على العراق. ولم تتحدث صحفنا إلا عن الاخلال بها، فكانت عناوين صحفية عن اخلال بالعقوبات مدة 12 سنة. ومات محررو الاخبار من فرط الملل، لكننا كتبنا التقارير وحثثنا على تعزيز العقوبات، وبخلاف صحف الغرب المنافقة لم نكتب التقارير عن موت الاطفال الرضع الذي طغى في العراق بين 1991 وخرابها النهائي في 2003، ولم نسأل اسئلة عن الاعمال الفظيعة بل لم نحُذر من أن انتقاض عرى الدول القومية لا يخدم أمننا.
أيدنا حرية اميركا في القصف وتخريب الشرق الاوسط، وصناعة السلاح ورعاية منظمات بشعة – من القاعدة الى النصرة ثم الى داعش؛ ووثقنا بالدولار الالهي وباستعداد الشباب لاخراب غزة باسم الغرب لأننا الغرب.
ونحن الذين صلينا لانتصار فرنسا في الجزائر وانتصار الولايات المتحدة في فيتنام، وأملنا أيضا انتصار بوش (الابن) على صدام في 2003. فهل كنا نستطيع أن نعلم أن داعش ستخرج من ركام العراق؟ وهل علمنا أنه لم يوجد ولم يكن "سلاح الابادة الجماعية"، الذي كان الذريعة لقتل عشرات الآلاف في احتلال العراق؟ وهل علمنا أن صناعة السلاح الاميركية لا تخسر ألبتة حتى ولا في حروب موجهة على الولايات المتحدة؟ علمنا ذلك، فلسنا مغفلين في الحقيقة وسكتنا وأحببنا سيدنا الذي يقصف.
والآن قبيل قصف داعش نجلس في خضوع أمام التلفاز منبوذين حائرين مستعدين للاكتفاء مرة اخرى بصور فظاعة شخصية لهذه المنظمة بدل صور الفظاعة الجماعية من الفلوجة أو غزة. ويبين لنا تسفي يحزقيلي مقدار كوننا أكثر أوروبية من أوروبا، ففي مدنهم العمياء من المسلمين أكثر مما في تل ابيب مع يافا. ونبوءات اهود يعاري النارية ايضا تصيبنا بقشعريرة المشاركة كما كانت الحال في 1991 وفي 2003، فليخربوا العراق وسورية مرة اخرى وربما ايران ايضا إن شاء الله. فقد تعلمنا كيف ننكس رؤوسنا ونقول: "لن نشوش فالأهم أن تُدمروا"، وليكن ما كان.
تذكروا فقط لاجل السجل أننا كنا أول من احتل ودمر عاصمة عربية في سنة 1982، وكنا الوحيدين الذين سموا شارعا باسم البنتاغون مدة شهر بعد 11 ايلول، وعندنا شوارع مسماة باسمي الملك جورج الخامس واللورد بلفور الذي وعد آباءنا ووعدنا بدولة من الامبراطورية. قد يكون مواطنو لاوس وآيسلندة عالمين بهامشيتهم، وبحق، لكن أنحن؟ ونحن مركز العالم ورأس الحربة لمكافحة الاسلام. لن يمروا! فالكتاب المقدس هو لنا وللمسيحيين.