الإخوان المسلمون وتمددهم الإقليمي

تصدرت جماعة الإخوان المسلمين التي تأسست في مصر العام 1928 نشاط الاسلام السياسي خلال القرن العشرين وبداية القرن الواحد والعشرين وحتى الآن، وما تزال فلسفة الجماعة تحظى بتأييد واسع لدى الأوساط الاجتماعية والسياسية في العالم العربي وكثيرا من دول العالم الاسلامي. تميزت الجماعة بتمسكها بالاعتدال والموضوعية والوسطية في الدعوة، واهتمامها بالعمل الاجتماعي والخدمة العامة للمجتمع، وتعاملها الاعلامي الإيجابي مع الانظمة السياسية، وقبولها مبدأ تداول السلطة بالانتخابات واقرارها لمبادئ العمل الديمقراطي القائم على مبدأ رأي الأغلبية والتزام الأقلية، ثم انتقالها جزئيا من العمل السري التننظيمي الى العمل العلني، ما اكسبها قواعد اجتماعية مؤيدة في الأوساط الاجتماعية والنقابية والسياسية. كل ذلك مكن الجماعة وأذرعها من الأحزاب السياسية من الصعود الى مواقع قيادية على المستوى القطري خاصة في مؤسسات المجتمع المدني والنقابي والبرلماني، ثم تمددت الى معظم دول الاقليم وتمكنت من تولي السلطة في بعضها كما حصل في مصر، السودان، تونس، غزة، تركيا وذلك من خلال اللعبة الديمقراطية والانتخابات، ولم تلجأ الجماعة الى استخدام العنف المادي في الوصول للسلطة مما عزز من تمددها ونفوذها الإقليمي. تحظى قيادات الجماعة ورموزها السياسية بميزتين نسبيتين هما: خطاب الاسلام السياسي الموضوعي والعاطفي المعتدل الذي يركز على تحريك العاطفة الدينية واستقطاب تأييد الجماهير الشعبية، والميزة الثانية النزاهة النسبية وعدم الفساد الفاحش مقارنة مع حيتان الفساد في الادارة العامة المتغولين على المال العام، وهذان العاملان من اهم العوامل التي رفعت من شعبية القيادات والرموز الإخوانية لدى مختلف الأوساط الاجتماعية. ورغم الإنجازات التي حققتها الجماعة الا انها ارتكبت خلال مسيرتها خطايا واخطاء عديدة جعلت منها تنظيما متهما بالإرهاب، ويسعى الى الاستيلاء على السلطة والحكم، ويوظف الدين لتحقيق مآربه. استمرار الجماعة في العمل السري التنظيمي خارج سيادة القانون وفق مبدأ علانية الدعوة وسرية التنظيم، واعتبار الجماعة نفسها انها البديل الوحيد القادم للأنظمة السياسية في الدول العربية والإسلامية، ومساندتها ودعمها اللوجستي والعسكري للتنظميات الإخوانية في الدول الاخرى دون اي اعتبار للقوانين الدولية والعلاقات الدولية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الشقيقة والصديقة. وكما هو الحال الآن في ليبيا والدور الذي تلعبه تركيا بقيادة التيار الإخواني المتمثل بحزب التنمية والعدالة التركي بزعامة أردوغان النموذج المعاصر للقيادات الإخوانية، وكذلك دور حزب النهضة في تونس بزعامة راشد الغنوشي، وايضاً الدور الذي يلعبه مجلس التنظيم الدولي للإخوان المسلمين بالتوجيه والدعم للفروع في مختلف الدول. ومن أخطاء الجماعة ايضا تمسك الإخوان بأنهم معارضة إسلامية (عقائدية)، ورفضهم الانضواء تحت مسمى المعارضة الوطنية. في الأردن تكاد تكون تجربة الجماعة أفضل تجربة على الإطلاق حيث حظيت الجماعة بفرصة الانخراط في العمل السياسي العام وفق القانون وضوابط الدولة الاردنية وتضييق الفجوة بين الدولة والجماعة، وهناك تفاهمات موضوعية مع اغلب قيادات الجماعة منذ تأسست في الاردن العام 1947 على أيدي الاردنيين العائدين من الجامعات المصرية، ويعود الفضل في هذه العلاقة الايجابية الى النظام السياسي الهاشمي الاردني، وقبول الملك عبدالله الاول تأسيس جمعية الجماعة في الاردن، ثم الإتاحة من قبل الملك الحسين للجماعة بالمشاركة السياسية في البرلمان والحكومات الاردنية وفق الديمقراطية الدستورية الاردنية، واستمرار الملك عبدالله في هذا النهج واعتبار الإخوان المسلمين في الاردن جزءا من النسيج السياسي والاجتماعي الأردني.اضافة اعلان