الإخوان ولعبة الديمقراطية

لا يبدو أنّ لعبة القط والفأر التي تمارسها الدولة مع الإخوان، أو الإخوان مع الدولة، ستنتهي إلى شيء مفيد للوطن، أو للمصلحة العامّة للشّعب الأردنيّ، ما لم يخرج علينا الإخوان – في رأيي– ببيان صريح ووعد قاطع وأيمان مغلّظة، على غرار ميثاق وطنيّ ينادي به الدكتور مروان المعشر، باحترام جميع مكوّنات اللعبة الديمقراطيّة وأبعادها وقواعدها، وطيّ ورقة "الإسلام هو الحل" إلى الأبد. فما دام الكرّ والفرّ لا يتكشّف إلا عن وَلَهِ الإخوان منقطع النّظير بالسّلطة والحكم، فإنّنا (أقصد الطيف الليبرالي واليساري) سنظلّ على سوء الظنّ بهم، وسيظلّ النظام مردوعاً من داخل مخاوفه عن تطوير قانون الانتخاب بما يلبي تطلعات شعب يرنو إلى النهوض والعدالة.اضافة اعلان
وليس من مصلحة الإخوان عدة أمور:
الأول: ضمّ الطّيف الذي يكره الإخوان (الليبراليّ واليساريّ والعشائر والمستقلين والمجتمع المدنيّ والحركة النسائيّة) إلى النظام، وخلق كتلة واحدة تعارض وصولهم إلى الحكم! حتى لو ظهر أعيانٌ وأفرادٌ يتبنون تغييراً جذرياً في قانون الانتخاب يسمح، من ثمّة، للإخوان بتشكيل أغلبية في البرلمان.
الثاني: خلق مناخ وخيم –مع عناد حكوميّ متأصّل- يُفضي، فيما يُفضي إليه، إلى قلقٍ شعبيّ متنام، وصدامات ستعوّق حتماً الوصول إلى تفاهمات حول مصير البلد! فهل يستطيع الإخوان (الذين يرون أنهم الجهة العاقلة في الصراع) أن يضمنوا للشّعب الأردنيّ سلامة الوطن إن استمرّ الحال على هذا النّحو المريب من الأخذ والصدّ؟
الثالث: تأخّر وصول الإخوان إلى السّلطة، يصاحب ذلك ويعزّزه الإخفاق متعدّد المستويات والأنواع في تجربة الإخوان في الحكم في مصر، بشكلٍ أساسيّ، وفي تونس أيضاً. فكلما السيد محمد مرسي ارتكب من الأخطاء التي تقرّب صورته من عبقرية سيّئ الذكر بوش الابن، كانت صورة الإخوان في الحكم عموماً، وفي أيّ قطر عربيّ، آيلةً إلى تهلهل ورفض.
ذلك أنّ الخوف من الإخوان والإسلاميين عموماً ليس في أن يصلوا إلى الحكم بالانتخابات، بل أن ينقلبوا على الديمقراطيّة، ويذهبوا بالبلاد إلى "حُكم الفقيه" الذي سيلغي أيّ رأي واختلاف وتنوّع. فالحكم باسم الدينِ، نقولها دون مواربة، خطير على الديمقراطية التي لا يمكن تلخيصها بصندوق الانتخابات، ذلك أنها (أي الديمقراطيّة) منهج حياة وتفكير تقوم على الاختلاف واحترامه، والتعدّد والتمسّك به، والحريّة الفكريّة والعقديّة وفي أساليب التعبير، دون أن يكون من حاكم غير القانون المدني بمرجعيّته الإنسانيّة. وما جمعية إعداد الدستور في مصر وتشكيلها وأداؤها إلا نموذجاً للتغوّل الذي يُضمره الإسلاميون لحكمهم، ولانقلابهم على لعبة الديمقراطية، وتدمير قواعدها!
هل يمكن أن لا نفقد الأمل؟

[email protected]