الإدارة السياسية عمل جماعي

إن نجاح الدول والمؤسسات تاريخيا والآن يعتمد على العمل الجماعي الذي تقوم به المؤسسات المعدة لذلك، والنتيجة الحتمية لغياب العمل الجماعي والضعف المؤسسي هو السبب الرئيس لفشل الدول والمؤسسات.اضافة اعلان
التجربة التاريخية تعلمنا بوجود ثلاثة شروط أو خطوط عريضة، التي تمكن أو تؤدي لنجاح الدول أو المؤسسات إذا كانت موجودة، أو فشلها في حالة غيابها.
الإدارة الناجحة على المستوى السياسي أو المؤسسي تتطلب توفر التالي:
أولاً: توفر رؤية واضحة لما تسعى لتحقيقه الدول والمؤسسات، التي تتطلب وضع أهداف قابلة للتحقيق. الرؤية يجب أن لا تكون تمنيات فقط ، بل من الأفضل أن تكون طموحة، ولكن واقعية. الرؤيا ليس لها معنى إذا لم تصبح هدفاً للمؤسسات لتحقيقها.
ثانياً: الرؤية وحدها لا تكفي، بل يجب ترجمتها إلى أهداف محددة ومرتبطة بفترة زمنية يتم الإلتزام بها.
الأهم من ذلك، هو القدرة على نقل هذه الرؤية لكافة مستويات الإدارة المعنية، سواء كنا نتكلم عن الحكومة، أو اية مؤسسة أخرى. فعلى سبيل المثال، إذا كان هناك رؤية تسعى لتحقيقها الحكومة أو الدولة، فلا يكفي أن يتم الإعلان من الجهة المعنية، بل يجب أن تكون أو تصبح برنامج عمل لكافة المؤسسات، وتنعكس على عملها وبرامجها.
ثالثاً: العمل الجماعي هو السر في الإنجاح على كافة المستويات: السياسية؛ والاقتصادية؛ والعملية والأكاديمية، أو في النجاحات الفردية. بالتأكيد ليس القصد من ذلك التقليل من شأن الأفراد في القيادة والإنجاز، ولكن حتى النجاح الفردي المبني على قرارات شخص أو قائد فذ في مجاله، يزول بزواله. ورأينا من التجربة مؤسسات تنهار، او حتى دول بعينها، عندما يغيب الزعيم او القائد.
العمل الجماعي ثقافة عامة وثقافة مؤسسية نعاني منها بشكل كبير في بلادنا وعلى المستويات كافة. الأمثلة على ذلك كثيرة ، فنلاحظ ضعف أو غياب العمل الجماعي أحيانا بالحكومة، وعندما نقيم نركز على الأفراد، أو الوزير أو الرئيس، وننسى ان نسأل إذا كان هذا الوزير ينفذ سياسة جماعية متفق عليها، أم أنه يعمل حسب رؤيته أو قناعاته. الأرجح أن الثانية هي الأصح ، وهذا إن دل على شيء، فإنه يدل على غياب الرؤية الجماعية الواضحة لعمل كل جزء من الحكومة، وأيضا غياب العمل الجماعي عن ادائها.
ليس المقصود تقييم الحكومة هنا، ولكن لا بد من استخدامها كمثال على العمل المؤسسي ، ولكن التشخيص ينطبق على أغلب المؤسسات كالبرلمان والجامعات وغيرها.
لذا ، عندما نشعر بأن رئيس وزراء أو وزيرا أو رئيس مؤسسة يفشل في الإدارة، الكل ينتظر تغيير الشخص والمضي قدماً وكأن المشكلة تكمن به ومعه، وليس المؤسسة نفسها.
الثقافة عنصر أساسي في نجاح الدول والمؤسسات ، ولكن يجب أن لا نعتقد بأن الثقافة المؤسسية يجب أن تكون موجودة بالفطرة لدى الناس أو هي مسؤوليتهم، بل على العكس فإن الثقافة العامة هي عملية صناعة مجتمعية تقوم بها المؤسسات المعنية ، بدءاً من المدرسة، مروراً بكل المؤسسات.
ما نلاحظه اليوم وبحاجة لعلاجه هو نوع من عدم الوضوح في الرؤية، وغياب أو تراجع بالعمل المؤسسي، وضعف بالروح الجماعية في الأداء والعمل.
عندما نتحدث عن العمل الجماعي وروح الفريق استذكر الأوركسترا أو فرق الرياضة الجماعية. بالطبع في تلك الحالتين هناك أفراد مبدعون ويوفرون عناصر مهمة للنجاح، ولكن لا يمكن ان تنجح الأوكسترا أو الفريق بشكل مستدام بدون عمل الفريق، وشعور كل فرد بأن نجاح الفريق أو المؤسسة هو نجاح شخصي له، وعلى عكس ما يتوقع الناس، فإن عمل الفريق هو أحد اسرار النجاح والتميز الفردي وليس العكس.
لذا لا بد من أن نسعى لتطوير هذه القيم في مؤسساتنا لتحقيق ما نصبو إليه.