الإرهابي أبو محمد الجولاني

من جديد، يعود الإرهابي أبو محمد الجولاني المطلوب دوليا وعربيا وإنسانيا، للظهور على  قناة الجزيرة القطرية من خلال مقابلة أجراها العامل في القناة أحمد منصور مع رأس الإرهاب في جبهة النصرة، سبقه في العام 2013 زميله في القناة تيسير علوني مع الإرهابي عينه.اضافة اعلان
المقابلة لم تحمل جديدا يذكر أو تحولا يقرأ في فكر التنظيم الإرهابي، وإنما بدت وكأنها محاولة لتسويق فكر جبهة النصرة عند شريحة أو طائفة معينة، ولكنها قدمت بدون أن تدري حقيقة أصحاب هذا الفكر الإقصائي الإرهابي المتطرف الأسود ورفضهم للآخر، وطريقة تعاملهم مع فسيفساء الوطن السوري الواحد، وتفكيرهم الذي ينطلق من مبدأ (انا أو لا احد).
بث الدموي الجولاني خلال المقابلة فكره القائم على إيديولوجية الحقد والكراهية والعنف، تنظيم في رقبته دم عشرات الآلاف من المدنيين الوادعين، ويضعه العالم على قائمة المنظمات الإرهابية ويفرض عليه مجلس الأمن عقوبات.
الأمر الذي جاء بخلاف كل التوقعات التي تسربت قبل بث المقابلة هو التزام تنظيم جبهة النصرة بفكر القاعدة، وعدم إعلانه عن نقض البيعة مع أيمن الظواهري، لا بل إن الجولاني أصر أن يظهر علم القاعدة الأسود على الطاولة الفاصلة بينه وبين المقدم.
الإرهابي الجولاني، أصر للمرة الثانية أن لا يكشف وجهه للشاشة، وتوعد العلويين والدروز ولم يستثن احدا بالقتل وعظائم الأمور، إذ قال "على الأقلية العلوية أن تتبرأ من الأسد" وطالب العلويين بـ"ترك مذهبهم" ودعاهم لـ"ترك الأشياء العقائدية التي أخرجتهم من دينهم والعودة إلى حضن الإسلام"، وهذا الشرط وضعه الجولاني على الدروز أيضا، وسيضعه على  كل من يختلف معه في الرؤية أو الحوار.
هذا ما قال الجولاني بلا تردد وبصوت عال، والمؤسف انه قال ذلك من منبر إعلامي والمؤسف أيضا ان أحمد منصور غزل على منوال سابقه تيسير العلوني فترك للجولاني الهواء لمدة ساعة ليتحدث عن أحلامه وأشواق سادته، وما يخطط له، ومنحه كامل الوقت ليتوعد الناس بالقتل وعظائم الأمور، دون أن يتدخل المحاور ولو لمرة واحدة في الحوار أو يشعر المشاهد بأن الحوار جدي ولا ينتمي لفكرة تلميع جبهة النصرة وإعادتها للساحة من جديد، لا بل إن المقدم بدأ يشرح للمشاهد كيف أن الدروز والمسيحيين يعيشون تحت حكم جبهة النصرة بوداعة وأمان ودون خوف!!!، متناسيا أن تلك الجبهة الإرهابية تسبي وتجز الرؤوس وتقتل الناس على الهوية، وترفض الآخر، فبات هم المحاور الذي سقط مهنيا في فخ الحوار أن يقول للناس إن ما تسمعونه عن جبهة النصرة غير صحيح وغير دقيق وهي بريئة مما يقال حولها براءة الذئب من دم يوسف!!!.
في المفهوم الصحفي العام والشامل الذي يتنوع بين مدارس مختلفة، فإنه يمكن أن تجري حوارا إعلاميا مكتمل العناصر مع متطرفين، ولكن ذاك يعني أيضا أن لا تترك الفضاء لهذا المتطرف ليقول ما يشاء ويسرح ويمرح كيفما اتفق دون أن يقاطعه المقدم ودون ان يسأله مستنكرا او مستفسرا.
هذا الفكر الصحفي الحقيقي لم يشاهده المتلقي، إذ بدا منصور وعلوني في كلتا المقابلتين وكأنهما جاءا للجلوس فقط لتقديم الحلقة في بدايتها ومن ثم ختمها وكفى.
قال الجولاني ما أراد قوله، ولكنه في الوقت عينه كشف نفسه للبشرية وللعالم المتحضر على أقل تقدير بأنه قاتل، ودموي وسفاح، ولم يستطع أن يبيض صورة تكشفت مع مرور الوقت مفادها أنه وتنظيمه أعداء الإنسانية والإرث البشري لا مكان لهما بيننا على هذا الكوكب.