الإساءات الشخصية ليست معارضة

تحولت مواقع التواصل الاجتماعي مؤخرا لساحة أساسية لنقل الآراء حول مختلف القضايا العامة، وساحة لتبادل وجهات النظر، ومنصات لتبادل الانتقادات أو توجيهها للحكومة أو للشخصيات العامة، أو للمؤسسات المختلفة.اضافة اعلان
هذا التحول، دفع البعض للاعتقاد، أن هذه المنصات الاجتماعية تشكل بديلا للأحزاب السياسية، سيما أن لها تأثيرات كبيرة في المجتمع، واصبحت تشكل أداة مهمة جدا للرقابة على السياسات العامة.
ولأن البعض يعتقد أن هذه المنصات أصبحت بديلا عن الأحزاب، فباتت بالنسبة لهم الشغل الشاغل، حيث اعتقدوا أنها قادرة على التغيير في المجتمع، واعتقدوا أنها تغني عن الأحزاب، فكانت بالنسبة لهم كل شيء زاوية للنقد، والاعتراض والرفض للسياسات الحكومية، ومنصة لطرح الافكار والآراء ووجهات النظر، ومنصة لحشد الانصار والمؤيدين.
لهذا كله استحوذت على كل وقتهم، فبدلا من العمل داخل المجتمع وبين فئاته المختلفة، صارت المواقع الاجتماعية الكل بالكل، وأصبح الناشطون يعتقدون أنهم يمكن أن يغيروا ما يريدون أو يحولوا أنظار الناس إلى الجهة التي يريدونها.. كما أصبحوا يعتقدون، أن ما يقولونه أو يكتبونه لايأتيه الباطل من أمامه أوخلفه، وأنهما مؤثران بشكل لايمكن لجهة أو شخص أو مؤسسة أو حزب أن يصلوا إلى مستوى هذا التأثير.
ولذلك، حينما، نمحص بما يكتبه بعض النشطاء من النوع الذي ذكرناه في الأعلى، نجد أنهم يتمادون في الاساءة الشخصية، ويستخدمون ألفاظا وتعابير تحمل الكثير من الشتائم والمسبات.
فالبعض بات يعتقد أن المسبات والاساءات والشتائم هي التي تجعل الشخص معارضا، وأنها هي التي توصله لأكبر قاعدة من المؤيدين أو المتابعين. كما أصبح يعتقد، أنه إذا مازاد من الشتائم للشخصيات العامة، والجهات، فإنه بات معارضا من طراز رفيع، وإنه سيجد من يصفق له، ومن يؤيده.
نعم، مثل هذا النوع سيجد مؤيدين على مواقع التواصل الاجتماعي، ولكنه بالواقع لن يجدهم، بل سيجد أنهم ينفرون منه ولن يقبلوه كمعارض وطني جاد.. فالاساءات الشخصية والشتائم لاتحول الشخص إلى معارض وطني، ولكنها تحوله إلى سباب، و"رداح" ولن يكون له قدرة على التأثير في المجتمع، حتى ولوبلغ عدد متابعيه على "التواصل الاجتماعي" الآلاف.
فالمعارض الحقيقي للسياسات، هو شخصية محترمة ينتقد السياسات ويعترض عليها وعلى القائمين عليها، ويواجهها بكل قوة.. ولايلجأ أبدا للإساءات الشخصية أو الترجيح للشخص، أوتوجيه الشتائم للآخرين الذين يعارضهم.
المعارض الحقيقي يدفع ثمن مواقفه بكل شجاعة واخلاق ومروءة.. ولايلجأ مهما اشتدت الظروف عليه، لتحويل معارضته لشتم الآخرين والاساءة الشخصية لهم.
المفروض أن من يقوم بالمعارضة السياسية، هو الذي يتبنى الأفكار والتوجهات النبيلة، ويتمتع بصفات ايجابية عالية.. المعارضة هدفها التغيير الايجابي ، وليس تبادل الاساءات والمسبات والشتائم.