الإساءة والرقابة المجتمعية

أصبح في زمن التواصل الاجتماعي من السهولة بمكان توجيه الاتهامات أو الاساءات لأي كان دون أية ضوابط من أي نوع كانت.. من يرغب باتهام الآخر، بامكانه ذلك، دون أي دليل.. من يرغب بالاساءة للآخر، أو شتمه أمر سهل، ماعليه سوى أن يكتب عبارات دون سند وينشرها، وهناك من يتولى تعميمها على نطاق واسع، لاسيما إذا كانت الشخصية عامة. وهنا، أنا أؤكد أنني لست ضد انتقاد الشخصيات العامة أو مسلكيات وسياسات الوزارات والمؤسسات، بل من الضروري ذلك، ومن خلال وسائل التواصل الاجتماعي التي باتت بلا شك وسيلة رقابة مهمة على أداء الحكومة أو مؤسساتها وأجهزتها ومسؤوليها، ولكنني في الوقت ذاته ضد الاساءة أو السب أو الشتم الشخصي، فهذا الأمر يضعف النقد الموضوعي والرقابة المجتمعية على الحكومة وأشخاصها وأجهزتها. كما، أنه من الضروري التأكيد، أن التقصد بالاساءة والشتم، واستغلال بعض الاخطاء، أو تحوير الآراء لغايات خاصة، يسيء للدور الايجابي الذي تقوم به وسائل التواصل الاجتماعي برقابتها على أداء الحكومة (أي حكومة)، ما يشكك لاحقا بها وبهذا الدور، ويحول الأمور لقضايا شخصية، يفقدها تقدير المواطنين، ويضعف من دورها الرقابي. إننا بحاجة ماسة في هذه الأيام للتعامل مع النقد المجتمعي للحكومات وللسلطات التنفيذية بمنتهى الجدية، بحيث لاننجر وراء الإشاعات، أو الإساءات الشخصية والشتائم والسباب، أو الكذب والتحوير للاساءة لشخص أو هيئة أو مؤسسة. النقد الموضوعي لوسائل التواصل الاجتماعي، أدى إلى تغيير حكومات، وتغيير سياسات. لقد أصبحت الحكومات ومؤسساتها تحسب الحساب للنقد القادم من مواقع ووسائل التواصل الاجتماعي، وباتت تقدم الاجابات على تساؤلات وانتقادات هذه المواقع والوسائل، فيما كانت سابقا لا تلتفت أي التفاتة للنقد المجتمعي. صحيح، أن الاجابات والتوضيحات التي تقدمها الحكومات والمؤسسات العامة، لا تكون دائما مقنعة، بل في بعض الاحيان تلجأ هذه الجهات، إلى المسبات والاساءات الشخصية وإلى التحوير لاضعاف النقد الموجه اليها والتشكيك فيه.. ولكنها مع ذلك، وبالرغم من محاولاتها إسكات النقد، لا تستطيع ذلك، بل على العكس، ينقلب عليها أي محاولة للإساءة لمقدمي النقد، فالغالبية لا تقتنع بالرد الحكومي إذا لم يكن مقنعا، فما بالكم إذا احتوى على اساءات. المطلوب من الحكومة ومن موجهي النقد للحكومة ولغيرها من المؤسسات العامة، مراعاة الموضوعية والدقة والابتعاد كليا عن الاساءات أو خلق المواقف، أو تحوير الآراء.. إذا لم يفعلا ذلك، فانهما الخاسران، وطبعا خسارة الحكومة وأجهزتها ومؤسساتها هي الأكبر.. أما وسائل التواصل الاجتماعي، فبعضها من يستخدم الاساليب غير الاخلاقية، سيعاني، أما من يستخدمها ويتعمد عليها وهي الأغلبية، ستواصل عملها الرقابي المهم، ولن تتأثر بأي اساءة ولن تلجأ للاساءات الشخصية بل للنقد الموضوعي والرقابة الموضوعية.اضافة اعلان