الإصلاح الإداري.. رؤية ملكية متقدمة للعبور إلى المئوية الثانية

عبدالله الربيحات

عمان - أكد خبراء في الادارة، ان توجيهات جلالة الملك عبدالله الثاني للحكومة التي أدلى بها خلال مقابلته مع وكالة الانباء الاردنية (بترا) السبت الماضي، بشأن الاصلاح السياسي والاقتصادي والاداري، تأتي في نطاق رؤية جلالته المتقدمة للعبور الواثق الى المئوية الثانية للدولة الأردنية نحو المستقبل.اضافة اعلان
ورأوا في أحاديثهم لـ"الغد" ان الحكومات المتعاقبة، لم تتمكن خلال مسيراتها من ترسيخ الإصلاح الاداري كفاعل حيوي للنهوض بالمؤسسات، لتأتي رؤية جلالته لتجديد ما يدعو اليه دوما، من حاجة المؤسسات للاصلاح والتطوير.
وزير تطوير القطاع العام السابق ماهر مدادحة، قال ان توجيهات جلالة الملك للحكومة في مقابلته مع "بترا"، جاءت بهدف وضع برامج للاصلاح بمختلف جوانبه كتأكيد من جلالته على ضرورة العبور الى المئوية الثانية للدولة بثقه نحو المستقبل.
واضاف ان جلالته اكد بوضوح وصراحة ضرورة الاصلاح الاقتصادي والاداري، بالرغم من ان هذه العملية، بدأت منذ اكثر من عقد، لكن الحكومات المتعاقبة لم تنجح بدرجة كبيرة في هذا الجانب، ما دعا جلالة الملك، للتأكيد من جديد على ذلك، ايمانا منه بان الاردن اصبح اكثر حاجة للاصلاح، لاستكمال عملية النمو والتطوير.
وركز جلالته على مفهوم دولة القانون والمؤسسات والحكم الرشيد وتعزيز المواطنة، واحترام القانون وتنفيذ الواجب الوطني بشفافية ومصداقية، ما يتطلب رفع كفاءة الموظفين والاجهزة الادارية في الحكومة.
كما يتطلب الاصلاح اعادة هيكلة الحكومة ومؤسساتها، ورفع كفاءة الموارد البشرية وتطويرها، لتحسين مستوى خدماتها، وتطوير الاجهزة الرقابية، لترسيخ مكافحة الفساد والواسطة والمحسوبية وإرساء العدالة والمساواة.
وقال المدادحة ان تأكيد جلالة الملك على الاصلاح الاداري، ينطلق من رؤيته لوضع حد للبيروقراطية والروتين الحكوميين، المعوقين للتطور الاقتصادي، وفيهما استشراف لرفع سوية الاستثمار ومعدلات النمو الاقتصادي وتعميق الشراكة مع القطاع الخاص.
وأضاف أن ذلك كله، يهدف لمواجهة مشكلتي الفقر والبطالة، وتحقيق حياة كريمة للمواطن، ما يتطلب توفير المقومات لنجاحه عبر عملية واسعة للاصلاح الاداري.
رئيس ديوان الخدمة المدنية السابق هيثم حجازي، بين انه منذ نهاية سبعينيات القرن الماضي وحتى اليوم، كانت القيادة الهاشمية تركز دائما على التطوير الاداري، ومنذ تسلم جلالة الملك سلطاته الدستورية، وحتى اليوم، ظل يؤكد أهمية تطوير القطاع العام، ليتمكن من تلبية احتياجات المواطنين وخدمتهم بأسرع واقل تكلفة وجهد.
لكن ما حدث وفق حجازي، أن الحكومات المتعاقبة لم تكن لديها ادارة او رغبة بتحقيق الاصلاح الاداري، إذ إن من أوكلت لهم مهامه، كانوا أفرادا مسؤولين كالوزراء، لينفردوا بإصلاح جزئي، بينما العملية الاصلاحية تحتاج الى منظور شمولي، كما حدث في مشروع هيكلة القطاع الحكومي في العام 2012.
كذلك، فان هؤلاء لم يكونوا مؤهلين للقيام بهذه المهمة، لانهم ليسوا من ابناء القطاع العام، ولا يعرفون مشاكله واحتياجاته.
ولفت حجازي الى انه إذا أرادت حكومة ما تنفيذ الاصلاح الاداري، فإنها تلجأ لشركات استشارية تجارية، او تستمد أفق عملها من جهات مانحة، في حين أن هذه الجهات تفتقر لمعرفة خصوصية القطاع العام وروحه، لذا كانت تخرج بنتائج لا تلبي الطموحات، ما كبدنا هدرا للاموال التي صرفت على الاستشارات.
وقال انه ولتحقيق الرؤية الملكية السامية حول الاصلاح الاداري، مطلوب منا العودة لتقرير حالة البلاد 2018، والذي كان بمنزلة خريطة طريق لهذه المهمة، وتشكيل فريق عمل او لجنة ملكية للاصلاح الاداري كلجنة تطوير القضاء التي شكلت مؤخراً، على ان تضم اللجنة الملكية، اصحاب خبرة واختصاص ممن عملوا لفترات طويلة في القطاع العام وخبروه وعلى دراية بمشاكله واحتياجاته.
مدير معهد الإدارة العامة السابق راضي العتوم، قال ان توجيه جلالة الملك جاء في أطر حيوية استراتيجية، شملت برنامج أداء واضح لقياس الإنجاز الاداري والاقتصادي، وتكريس الشفافية ومحاربة الفساد والمحسوبية لجماعات المصالح، وتعزيز أدوات الرقابة بمؤسسات الدولة، لضمان الأداء الفاعل والشفاف، وبالتالي ضمان عمل جهاز الحكومة بكفاءة وفعالية.
واضاف العتوم انه لا شك بأن الأساس ومنطلق الوصول إلى ذلك، يكمن في تبني وضع برنامج عملي لتحقيق الانجازات، وهذا يتطلب بناء مؤشرات أداء رئيسة على مستوى القيادات (وزير، أمين عام، مدير عام، سفير، محافظ)، واخرى أكثر فنية واشرافية على مستوى المديرين الفنيين ورؤساء الاقسام، والموظفين التنفيذيين، لتكتمل صورة الأداء الكلي للوزارة والمؤسسة والدائرة.
واكد أنه لتكريس الشفافية ومحاربة الفساد، لا بد من التعاون بين أجهزة الرقابة في الدولة والأجهزة الأمنية، للكشف المبكّر عن قضايا الفساد، لكبحها والقبض علي مرتكبيها قبل تغلغلها واتساع نطاقها، ما يساعد على وأدها في بداياتها.
ولفت الى ان الوصول إلى قطاع عام كفؤ ورشيق، فيجب أن يبنى على اساس تقليص عدد الوزراء، وسن تشريع بألا يزيد عددهم على اثنين وعشرين وزيرا مثلا، ومن ثم بدء اعادة هيكلة الوزارات والمؤسسات وفقا للتشريع.
ودعا لضبط شروط ومؤهلات رؤساء وأعضاء مجالس الادارات للمؤسسات والشركات العامة، بما يتفق واختصاص كل منها، وتقييد مكافآتهم ونفقاتهم لضمان الملاءة المالية لها، ويوضع برامج انجاز لكل منها، ومؤشرات دقيقة لقياس الإنجازات وكفاءة عملها.