الإصلاح الإداري يبدأ بالموارد البشرية

الدكتور راكان نايف أبو زيد
الدكتور راكان نايف أبو زيد

الدكتور راكان نايف أبو زيد*

إن نجاح أي دولة أو مؤسسة يكمن فـي نجاحها بإدارة مواردها البشرية، وحيث أن الأردن دولة محدودة الموارد الطبيعية، إلا أنها دولة غنية بالعقول النيرة والموارد البشرية الكفؤة التي لم تستغل بالشكل الصحيح لغاية الآن بسبب عدم وجود دور فاعل للموارد البشرية، وإن تطوير الإدارة العامة ووضع الأسس السليمة يُسهم بتأسيس نهج جديد قائم على العمل المؤسسي الواضح والشفاف العادل، ولمواكبة تلك التطورات فإنه لا بد من حاضنة رئيسة للإدارة العامة تتمثل بإنشاء وزارة الموارد البشرية حيث يقع على عاتقها دراسة المهام والمسؤوليات المُناطة بالدوائر الحكومية وتوحيد إجراءات العمل فـي تلك الدوائر، وذلك لضمان عدم الازدواجية بالعمل، وعدم تكرار الأعمال التي تقوم بها الجهات الحكومية، كما تختص وزارة الموارد البشرية بوضع الأسس العامة بإشغال الوظائف القيادية والإشرافية، وتكون الجهة المسؤولة عن اختيار القيادات الإدارية وفق أسس واضحة وعادلة، وتضع البرامج اللازم اجتيازها من قبل كل شخص يسعى لإشغال الوظائف القيادية، حيث يتم تطبيق الممارسات المتعلقة بإدارة الموارد البشرية عند اختيار القيادات الإدارية؛ ليتم اختيار الأكثر كفاءة فـي الموارد القيادية بما يحقق رؤية جلالة الملك المعظم بالارتقاء بالإدارة العامة والعمل الحكومي.
وفي ظل التطور التقني وتنوع الخبرات والمؤهلات لدى الموارد البشرية الأردنية أصبح هنالك ضرورة مُلحة لإنشاء قاعدة معلومات الموارد البشرية الأردنية التي تتضمن كافة مؤهلات وخبرات الموارد البشرية الأردنية وتكون خطوة نحو تسويق الكفاءات الأردنية فـي الخارج، وإيجاد فرص عمل للأردنيين تتناسب مع مؤهلاتهم، حيث أنه لا زال سوق العمل الأردني بحاجة لحاضنة تختص بتنظيم سوق العمل ووضع أسس محددة للعمالة الوافدة، وإعطاء الأولوية للأردنيين بالوظائف المحلية.
كما وأن الإدارة العامة تواجه العديد من الأزمات المستمرة التي بحاجة لعمل مؤسسي لمواجهتها، وتختص الادارة العامة أيضاً بوضع السياسات الإدارية المتعلقة بعمل الموظفين العامين والإحلال والتعاقب الوظيفي، وإيجاد صف ثان وثالث من القيادات الإدارية فـي الدوائر الحكومية قادر على إدارة المؤسسات الحكومية عند حدوث أي أزمة أو طارئ، وإدارة كافة شؤون الموظفين العامين من لحظة تحديد احتياجات الدوائر الرسمية من حاجتها للموظفين مروراً بأسس التعيين ولغاية إنهاء أو انتهاء خدمة الموظف العام ، كما أنه يجب أن يتم التخطيط العلمي والدقيق للاحتياجات من الموظفين، ودراسة ورصد واقع الموارد البشرية فـي كافة الدوائر الحكومية، وتوزيع الفائض على الدوائر التي بها نقص، وذلك لغاية تحقيق الاستغلال الأمثل للموارد البشرية.
كما أنه لا بد من إنشاء (بوابة إلكترونية حكومية موحدة) تهدف لحوسبة جميع الأوراق من الخدمات الورقية المقدمة فـي الدوائر الحكومية واستبدالها بخدمات الكترونية ودفع الكتروني حكومي موحد، مما يُسهم بمواكبة التطورات التكنولوجية المتـسارعة، ويُحقق الوفر على الخزينة العامة ويخفف الجهد والوقت على المواطنين.
ويجب أن يتم توحيد الجهة التي تقوم بتدريب الموظفين العامين ووضع البرامج التدريبية التي تناسب كل وزارة حيث تكون وزارة الموارد البشرية هي الجهة المختصة بالتدريب الحكومي، ويتم تنسيق التدريب من خلال معهد الإدارة العامة ومن خلال منصة إلكترونية للتدريب، مما يُسهم بتوفير مبالغ مالية ضخمة يتم صرفها من قبل الوزارات والدوائر الحكومية على البرامج التدريبية، ويُسهم فـي رفع أداء الموارد البشرية والارتقاء به.
ولمواكبة التطورات التقنية والإدارية، ولغايات إيجاد منظومة متكاملة للإصلاح الإداري للقطاع العام ولتطوير أداء القيادات الإدارية وإيجاد خطة واضحة لتطوير الإدارة العامة، ولإحداث ثورة إدارية فـي القطاع العام والاستفادة القصوى من تكنولوجيا المعلومات في إدارة الموارد البشرية، فإنني أرى أنه قد حان الوقت لإنشاء وزارة الموارد البشرية للنهوض بالإدارة العامة وتأسيس مرحلة جديدة من الإصلاح الإداري تُسهم فـي تطوير الإدارة العامة وتطوير الإجراءات الحكومية ومواكبة مسيرة الإصلاح التي يقودها جلالة الملك عبدالله الثاني حفظه الله ورعاه.

اضافة اعلان

*دكتوراه إدارة الموارد البشرية