الإصلاح الإعلامي ضرورة وليس ترفا

شهد العدوان يعد الإعلام الأداة الأكثر فعالية في توجيه الرأي العام والتعبئة السياسية والفكرية، لما له من دور في تشكيل رؤية الفرد والمجتمع نحو القضايا المجتمعية، بحيث يقدر على تحليلها واستيعابها مع اتخاذ سلوك حول هذه القضايا والتأثير على المفهوم الإدراكي للمجتمع، ولكي يمارس الإعلام هذا الدور بالشكل الصحيح لا بد من توافر بيئة مناسبة على صعيد التشريعات بالدرجة الأولى. إن الإعلام الحذر والرقابة الذاتية التي يمارسها الصحفيون على أنفسهم سواء بسبب قانون الجرائم الالكترونية أو القوانين التي تحد من حرية الكلام والإعلام، مشكلة كهذه ينعكس أثرها بشكل مباشر على السّلم المجتمعي، بانسياق الشارع وراء أي أخبار دون تحري دقتها وبالتالي اللجوء لإشاعات كمصادر للمعلومة والخبر، وهي المخالفة التي يعاقب القانون من يروجها - الإشاعات- دون التطرق لمن غيّب المعلومة الصحيحة وكان سببًا في ظهورها. «إعلام السلطة» هذا الوصف الدارج لحالة الصحافة والإعلام، فبالإضافة للقوانين والتشريعات التي تشكل ضوابط تكبح ألف وفضاء الحريات، التنفيعات وتوكيل الأمر لغير أهله، والقصدية المباشرة في تعيين القيادات الإعلامية التي باتت تقوم بدور الوكيل عن الحكومة مما أفقد الإعلام دوره الرقابي، وتحول إلى إعلام تقليدي متأخر لا يواكب النقلة العالمية في الاتصالات ومواقع التواصل الاجتماعي، يقابله ازدياد حضور الإعلام البديل الذي لا يرتبط بالمؤسسات الرسمية التقليدية. الإصلاح الإعلامي كما باقي الإصلاحات ضرورات وليس ترفًا، إذ ما أردنا تحقيق حلم الأردن الذي ننظر إليه مستقبلًا، خاصة وأن بوصلة تقييم الوضع الإعلامي تشير إلى تراجع سقف الحريات الصحفية والإعلامية الأمر الذي يؤشر الي ارتفاع مستوى التدخل في الشؤون الاعلامية وكبح جماح وسائل الإعلام والكتّاب والصحفيين والإعلاميين، لتوجيههم إلى قضايا وموضوعات بعيدة عن صلب الهموم العامة التي تمس المواطن والوطن. الإعلام القوي يعني دولة قوية، إذ إن الصحافة الحرة لا تنمو إلا بوجود دولة ديمقراطية، ناهيك عن أن الحرية الإعلامية جزء من الحريات العامة للمواطنين، وهي التي تراقب أداء السلطات وتمثل مصالح الشعب العليا حتى إن تم تسميتها بالسلطة الرابعة، وأن حجبها وجعلها تدور في فلك الرتابة والتضليل يعني هدم ركن أساسي من أركان الحريات العامة وتغوّل على الحقوق العامة للمواطنين، وهي المكمل لحزمة الإصلاحات التي يُنظر إليها بجدية لبناء الأردن الجديد، وتعد جزءًا رئيسًا في منظومة الإصلاح السياسي والاقتصادي والإداري، والتي بمجملها لا تكتمل إلا بإقرار عنوان مهم للإصلاح الإعلامي كي يتواءم مع النقلة النوعية للدولة الأردنية التي نأمل فيها كل خير وحضارة وعطاء.اضافة اعلان