الإصلاح الممكن

قبل أيام وفي محاضرة لرئيس الوزراء والأعيان الأسبق طاهر المصري في نقابة الصحفيين، حول كيفية مواجهة "صفقة القرن" محليا، تحدث عن قرارات وتوجهات اتخذت على هذا الصعيد، وعن خيارات يجب أن تتخذ ومنها الإصلاح السياسي. وعندما سئل حول ما إذا كان هناك حيز من الوقت يسمح باتخاذ مثل هذا الخيار، في الوقت الذي اتخذت فيه الادارة الأميركية خطوات حقيقية لتنفيذ الصفقة، وباشرت بتنفيذ خطوات اخرى، منها "الورشة الاقتصادية في المنامة"، أكد المصري، أننا نملك هذا الحيز من الوقت لاجراء الاصلاحات السياسية المنشودة التي تقوي الجبهة الداخلية، لهزيمة "صفقة القرن". تحدث المصري، بهذا الصدد، عن تعديل قانون الانتخاب، بحيث يتم اقرار قانون عصري، يؤدي إلى مجلس نواب قوي، وبالضرورة بعد ذلك لحكومة قوية قادرة بدعم من مجلس النواب، والالتفاف الشعبي على مواجهة تداعيات "الصفقة" محليا، وافشالها. اعتقد، أن الشعوب بشكل عام، قادرة على تحويل التحديات الخطيرة إلى محطات تاريخية للنجاح والتقدم وصناعة التاريخ.. في التاريخ العالمي هناك آلاف الشواهد والتجارب على صحة ما نقول، فالكثير من الشعوب حولت التحديات الخطيرة التي كانت تواجهها إلى قصص نجاح يضرب بها المثل على مدار التاريخ. والشعب الأردني، قادر على تحقيق ذلك، فالكثير من التحديات الخطيرة عبر تاريخه، تغلب عليها، وحقق انجازات مشهودة مكنته من التقدم باستمرار إلى الامام، وحماية وطنه، والدفاع عنه والحفاظ عليه، و الانتصار على كل المؤامرات والمخططات التي كانت تريد شرا بوطننا. في هذه الحالة، ومن خلال ما نراه من رفض شعبي شديد لـ"صفقة القرن"، والتمسك بالثوابت الوطنية والقومية والإسلامية، فإن اجراء اصلاح سياسي، بحسب رؤية المصري، ليست عملية مستحيلة، أو مستهجنة، وانما ممكنة، وقادرة فعلا على تقوية وتعزيز تماسك الجبهة الداخلية، ومنح الحكومة الغطاء الشعبي المناسب لمواجهة تحديات "صفقة القرن" الخطيرة والتي بحسب كل القراءات، والتحليلات، والشواهد، فإن الإدارة الأميركية ماضية في تنفيذها، لتحقيق مصلحة الاحتلال الإسرائيلي. لهذا كله، فإن اجراء اصلاح سياسي، يوصلنا إلى مجلس نواب وحكومة قويتين، أمر ضروري، ويمكن من خلاله تحقيق نقلة نوعية في الحياة السياسية الأردنية. في العام 1989 ، تمكن الأردن من تجاوز أزمة داخلية خطيرة، حيث تمت العودة إلى الديمقراطية وإلى الحياة التشريعية، واجراء انتخابات نيابية أدت إلى مجلس نواب قوي، يضرب به المثل إلى هذا اليوم. وبإمكاننا اليوم، ايضا، أن نستفيد من المرحلة، مع أن الظروف المحلية، مختلفة إلى درجة ما، وتعزيز الديمقراطية الأردنية، التي تمكننا فعلا من التغلب على تحديات "صفقة القرن" والتقدم إلى الامام.اضافة اعلان