الإيمان بسيادة القانون ودور السلطات

إذا ما أرادت الدولة الأردنية، التي تحتفل هذه الأيام بالذكرى المئوية الأولى لتأسيسها، تحقيق المزيد من التقدم والازدهار، فإنه يتوجب عليها الانتباه جيدًا إلى موضوع إعادة بناء الثقة بمبدأ سيادة القانون ودولة المؤسسات. فمن خلال سيادة القانون وتطبيقه على الجميع، بلا استثناء، وفي كل الأوقات والأزمنة، الذي يُعتبر مدماكًا رئيسًا في تجنب أو الابتعاد كليًا عن ممارسات خاطئة، كان لها الكلمة الفصل في عدد من القضايا. إن الأصل، وبعد مرور مائة عام على تأسيس الدولة الأردنية، أن يكون مبدأ تطبيق القانون بلا انتقائية، بدهيا، ويتوجب عدم التطرق إليه، أو إعطاؤه أي مساحة من التفكير، كون ذلك يُعتبر من أساسيات بناء أي دولة، وبالتالي ضرورة الالتفات والتركيز والاهتمام بأمور أو مواضيع تُسهم في تعزيز تقدم الوطن، في كل المجالات، لعل وعسى أن نصل إلى بعض ما وصلت إليه الدول المتحضرة المتقدمة. بناء الوطن، لا يحتاج فقط إلى مهندسين وأطباء وجيش ورجال أمن، وما إلى ذلك من أصحاب تخصصات، على أكثر من صعيد، رغم أهميتها في الوقت نفسه، حيث أن بناء الأوطان بحاجة ماسة إلى أساسيات من قبيل ضمان المساواة بين جميع المواطنين، وحقهم في الوصول إلى العدالة. العنف المجتمعي، والاستقواء على بعض مؤسسات الدولة، أيًا كان نوعه، أو أسبابه، أو دوافعه، هو بمثابة "مثلبة"، قد تقود إلى أمور لا تحمد عقباها، وقد لا ينفع الندم بعدها، ولا فائدة من إجراء جراحات للمرض أو الداء. وكما يقول المثل الدارج "أن تصل متأخرًا خير من ألا تصل أبدًا".. فإذا ما أرادت مؤسسات الدولة فرض هيبتها، ضمن القانون والضوابط المتعارف عليها دوليًا، فإنه يتوجب عليها التيقظ جيدًا وشحذ كل هممها، في سبيل وضع حد لتصرفات أو ممارسات خاطئة، يلفظها أي إنسان سوي. صحيح أن تلك الممارسات أو التصرفات الخاطئة، ناتجة عن إحساس بظلم أو غُبن أو عدم عدالة وإنصاف، إلا أن الكثير من أبناء الشعب الأردني، يرفض أي شكل من الأشكال غير الحضارية أو غير القانونية، وهو دومًا في الوقت نفسه تواق لرؤية العدالة، تعم كل مناحي الحياة، بدءا من أصغر حق حتى أكبر وأهم الحقوق. وضع خطة للحد من السلوكيات الخاطئة، وفي نفس الوقت سيادة القانون وإعادة الثقة بمؤسسات الدولة، باب واجب على الحكومة، لا يقبل التأجيل أبدًا.. يجب أن يكون ذلك على رأس هرم أولويات الحكومة، إذا ما أرادت المضي قدمًا في تقدم وازدهار البلد. أتصور أنه بات من غير المعقول والمنطق، أن يتم مثلًا إغلاق شارع حيوي رئيسي، يربط بين مدينتين، لمجرد وقوع مشاجرة بين طرفين.. فإغلاق الشوارع لمجرد قضية ما أو حدث عابر، أصبح وللأسف، عادة تتكرر بين فترة وأخرى. يقول رب العالمين في كتابه الحكيم "إن الله لا يُحب الجهر بالسوء إلا من ظلم".. فعدم تطبيق القانون بشكل فعال وعلى الجميع يقود إلى أفعال، الكثير يرفضها جملة وتفصيلًا، فالعدل أساس كل شيء، وإن كان العدل المُطلق غير موجود حتى في أفضل دول العالم تقدمًا، لكنه موجود فيها بدرجات معقولة، وخصوصًا فيما يتعلق بحرية التعبير والرأي، والتعليم والصحة، والوظائف، والحماية الاجتماعية، وتلك أساسيات ضرورية للانتماء والاخلاص للوطن. إن إعادة الثقة بسيادة القانون ودور مؤسسات الدولة، يكمن في تطبيق القانون بحذافيره على الجميع بلا استثناء، وعدم التراخي في المعاقبة لكل مارق أو ممارس لسلوكيات خاطئة!.اضافة اعلان