الائتلاف الوطني السوري وبداية الحل

كان من أهم الانتقادات التي توجّه للمعارضة السورية، هو أنها غير موحدة ومنقسمة في الداخل، وبين الداخل والخارج، وبين المعارضة المسلحة وغير المسلحة. وتمثلت الاستراتيجية الوحيدة للمعارضة الخارجية، وبخاصة المجلس الوطني السوري، في طلب التدخل العسكري الخارجي، مع عدم قدرة المجلس على تمثيل كافة الأطراف وتفرد إحدى الفئات به وبسياساته. أما على الأرض، فقد تنافست قوى المعارضة الإسلامية المتشددة، ولاسيما ذات الارتباط بتنظيم القاعدة.اضافة اعلان
إن عدم قدرة المجلس الوطني على ضم كافة أطراف المعارضة، وبخاصة الداخلية منها مثّل مشكلة، وتحديداً للولايات المتحدة، لأن المجلس كان رافضاً للحوار مع النظام. وتنامي المعارضة المتشددة بدأ يثير حفيظة الولايات المتحدة، لأنه لم يكن في واردها التدخل العسكري. وعليه، فقد أصبح المجلس الوطني السوري عبئاً عليها، وكذلك الحال فيما يتعلق بالمعارضة العسكرية المتشددة التي أصبحت تثير قلق النخبة في الولايات المتحدة، وبخاصة بعد الهجوم على السفارة الأميركية في ليبيا، ومقتل السفير الأميركي على يد متشددين إسلاميين.
لقد تمّ وضع الأزمة السورية على صفيح ساخن بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية، وإعادة انتخاب باراك أوباما. وهذا ما حدا بوزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، إلى توجيه انتقادات حادة للمجلس الوطني وللمعارضة العسكرية المسلحة المتشددة.
لذلك، جاء تشكيل "الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية" ليتجاوز الثغرات في تشكيلة هذه المعارضة، المدنية منها والعسكرية. ومن وجهة النظر الأميركية، فإن دعم تشكيل هذا الائتلاف يحقق مجموعة من الأهداف، أهمها إيجاد تمثيل أوسع للمعارضة السورية من الداخل، واحتواء المعارضة المسلحة، وإضعاف الأطراف الراديكالية منها. وبالطبع، فإن هذه الترتيبات ليست من أجل المعارضة السورية، وإنما لتهيئة الظروف للاستراتيجية الأميركية في سورية.
حتى هذه اللحظة، فإن التدخل العسكري الأميركي الشامل في سورية ليس خياراً مطروحاً على الطاولة، لأسباب عدة، من أهمها المخاطر الإقليمية المترتبة على ذلك، والمعارضة الروسية والصينية التي لن تسمح بإعطاء غطاء دولي لهذا التدخل. وفي المقابل، فإن إبقاء الأمور كما هي سوف يأخذ سورية إلى المجهول. لذلك، فإن الاستراتيجية المحتملة هي حلّ الأزمة سلمياً. وحتى يتحقق هذا الهدف، فسوف تصعّد الولايات المتحدة، من خلال أدواتها الإقليمية والمحلية، الضغط العسكري لإضعاف النظام من أجل القبول بتسوية سياسية لا يمكن أن تتم إلا بتفاهمات يشكل النظام والمعارضة أطرافاً أساسية فيها، ولكن تشارك فيها القوى الدولية والإقليمية.
الخطوة الأساسية بعد تشكيل "الاتئلاف الوطني" هي إعطاؤه مشروعية سياسية، دولية وعربية. وهذا ما يحصل الآن، وبخاصة من جانب الجامعة العربية التي اعترفت بالائتلاف باعتباره ممثلاً شرعياً ووحيداً، وكذلك اعتراف فرنسا به. ومن المتوقع أن تتوالى الاعترافات الدولية في الفترة المقبلة.
خلاصة القول إنه يتم تهيئة الظروف السياسية والعسكرية على جبهة المعارضة السورية، من أجل تهيئة الظروف لحلّ سلمي للأزمة السورية من خلال حكومة انتقالية تشارك فيها أغلب الأطراف السورية الفاعلة.