"الاتصال الحكومي".. هواجس قائمة وتكلفة إضافية

محمود خطاطبة تارة وزارة إعلام، وتارة ثانية وزارة دولة لشؤون الإعلام، وتارة ثالثة وزارة دولة لشؤون الإعلام والاتصال، وأخيرًا وزارة الاتصال الحُكومي.. تلك أسماء أُطلقت، خلال الأعوام الماضية، على حقيبة الإعلام.. وإن كانت الأخيرة تُعتبر بداية التطبيق لخريطة تحديث القطاع العام، إلا أن ما يبدو ظاهرًا للعيان، هو أن تلك المُسميات التي أُطلقت سابقًا على حقيبة مُهمة، لم تؤت أُوكلها، أو قطف ثمارها الإيجابية، التي أُوجدت من أجلها. من أبرز مهام الوزارة الجديدة (الاتصال الحُكومي)، هي: «وضع سياسة عامة للدولة، الالتزام بنصوص الدستور، تعزيز دور الإعلام الوطني في الدفاع عن مصالح الدولة الأردنية، والتمسك بقيمها، حماية تعددية وسائل الإعلام وتنوعها، التصدي للإشاعات وخطاب الكراهية، انتهاك حُرمة الحياة الخاصة». تلك أهداف رائعة، وتصُب في الجانب الإيجابي للدولة والحُكومة والمواطن، على حد سواء، إذا ما أُحسن تطبيقها، بكُل جدية، لا بل أن الجميع كانوا دومًا وما يزالون يُطالبون بذلك، ومنذ زمن بعيد، عاقدون الأمل على الوصول إلى بصيص ضوء يُحقق، على الأقل، بعضًا من تلك المهام، يلمسها الأردني على أرض الواقع. لكن كُل ذلك لا يمنع من الانتظار قليلًا، حتى يتم الخروج بحُكم عادل على هذه الوزارة، أو بمعنى أدق، على أهدافها التي أُنشئت من أجلها.. فالأهم بالنسبة للصحفي أو الإعلامي، يتمثل بضرورة عدم الحد من الحريات الصحفية، وحق الحصول على المعلومة، بكل سهولة وسُرعة، وإجراء تعديلات على قانون المطبوعات والنشر، من قبيل إلغاء عقوبة السجن والتوقيف في القضايا المُرتكبة في قضايا النشر. ومن باب الأمانة والموضوعية، يتوجب التطرق إلى الكُلفة الحقيقية لإنشاء «الاتصال الحُكومي»، خصوصًا أن ترشيد الإنفاق شعار الحُكومة، ويُنادي به مسؤولها، كُل صباح ومساء.. إذ سيُخصص لها أولًا، مبنى مُستأجر، بمنطقة الشميساني في عمان، وهذه تُعتبر أولى التكاليف، التي سيتحملها، بلا أدنى شك، دافع الضرائب. ثانيًا، وضمن الهيكل المعروف لأي وزارة، سيكون هُناك أمين عام، ومُدير للدائرة القانونية، ومثله للشؤون الإدارية وآخر للموارد البشرية، فضلًا عن وجود مُديرين لأكثر من إدارة، التي تشتمل كُل واحدة على الأقل على مُديريتين أو ثلاث مُديريات، كُل مُديرية، تتضمن كُل واحدة منها على الأقل قسمين.. الأمر الذي يعني تكلفة رواتب جديدة، وهذه أيضًا يتحملها دافع الضرائب، المغلوب على أمره. وإن كانت النقطة الأخيرة، أقل تكلفة من سابقتها، وعلى الرُغم من أن وزير الاتصال الحُكومي، فيصل الشبول، قال «إن كادر الوزارة سيكون بالعشرات، وستكون البداية بالاعتماد على كوادر الإعلام في رئاسة الوزراء، مع رفدها بكوادر من مؤسسة الإذاعة والتلفزيون ووكالة الانباء الأردنية (بترا)»، إلا أنها تبقى نقطة في غاية الأهمية وتكُلف الخزينة الكثير من الأموال. أما القضية المفصلية والأهم، هو تخوف الكثير من الزملاء في وكالة الأنباء و»التلفزيون»، من أن تكون إحدى مهام «الاتصال الحُكومي»، هي دمج هاتين المؤسستين، وإن كان الوزير الشبول نفى ذلك جُملة وتفصيلًا، إلا أن «الهواجس» تبقى مُسيطرة على موظفين في هاتين المؤسستين، وبالأخص عندما نعلم بأن الوزير هو رئيس مجلس الإدارة في كلتيهما. ويبقى السؤال، ما فائدة مثل هذه الوزارة؟، ما دام الوضع بالنسبة لوكالة الأنباء و»التلفزيون»، سيبقى على ما هو عليه.. والشيء الجديد هو ارتباطهما بـ»الاتصال الحُكومي»، إلا أنهما ليسا جُزءًا منها، مع أنهما بالأصل كانتا مُرتبطتين دائمًا بالوزير الذي يُشغل حقيبة الإعلام.. إذًا فما هو الجديد؟، فالخشية أن يكون الاختلاف بـ»المُفردات» فقط. المقال السابق للكاتب اضافة اعلان