الاحتجاج في إيران يخدم موقف ترامب

شبان محتجون يشعلون النيران في أحد شوارع طهران-ارشيفية.-(ا ف ب)
شبان محتجون يشعلون النيران في أحد شوارع طهران-ارشيفية.-(ا ف ب)
هآرتس عاموس هرئيل 19/11/2019 الأنباء تأتي من ايران بالقطارة: السلطات قامت باغلاق طريق الوصول الى شبكة الانترنت، التي تعمل حسب عدد من التقديرات بـ 50 في المائة من القدرة. مع ذلك، يبدو أن الاحتجاج على رفع اسعار الوقود يتصاعد ويتسع ليصل الى مدن كثيرة. صحفيون ونشطاء يشاركون في المظاهرات يتحدثون عن الاضرار بالبنوك وعن مئات الاعتقالات وعن عدد القتلى (حسب رواية ما، 20 تقريبا، من بينهم شرطي قتل عند مهاجمة مركز للشرطة). موجة المظاهرات ليست الاولى من نوعها. في العام 2009 قمع النظام بوحشية "الثورة الخضراء"، اسابيع من الاضطرابات التي حدثت في اعقاب ادعاءات حول تزوير نتائج الانتخابات للرئاسة. وفي نهاية 2017 حدثت موجة احتجاج ركزت على الوضع الاقتصادي، وخبت بعد بضعة اسابيع. اذا كان هناك شيء اثبت فيه النظام في طهران قدرته خلال السنين فهو القمع المنهجي ومنفلت العقال لأي محاولة معارضة للجمهور يمكن أن تعرض استقرار النظام للخطر. عندما ذوت الثورة الخضراء تم طرح ادعاءات ضد ادارة براك اوباما، الرئيس الاميركي الذي كان في حينه جديدا في منصبه. صحيح أنه شجع اجراء تغييرات في ارجاء العالم العربي والاسلامي في خطابه في القاهرة، والذي عقد قبل اسبوع على الانتخابات في ايران. ولكن بعد ذلك وقفت واشنطن جانبا عندما قامت اجهزة الامن الداخلي في ايران باعتقال وتعذيب وقتل المتظاهرين. ادارة ترامب لا تظهر في هذه الاثناء أي تدخل أعلى فيما يحدث. وزير الخارجية الاميركي، مايك بومبيو، توجه في نهاية الاسبوع للمتظاهرين في صفحته في تويتر وكتب لهم: "الولايات المتحدة الى جانبكم". وفي وزارة الخارجية غردوا تغريدات تنديد ضد استخدام القوة الفتاكة وتقييد وسائل الاعلام الذي تمارسة القيادة الايرانية ضد المتظاهرين. ولكن الرئيس منشغل بالتغريدات ضد الديمقراطيين، الذين شرعوا بإجراء عزله، ولم يتفرغ للموضوع. لا تحتاج الولايات المتحدة لأن تتدخل بنفسها في الاضطرابات، ولكن لو كانت تبينت مثلا خطوات لتجاوز اغلاق الانترنت في ايران، في الهوامش على الاقل، لكانت قدمت بذلك خدمة كبرى لمعارضي النظام. وسواء شبكة التنسيق بينهم أم القدرة على تجنيد الجماهير للكفاح متعلقة بقدر كبير بالأداء المعقول للشبكة. إن عدم الاكتراث الذي تبديه الادارة تجاه ما يحصل في ايران، حاليا، مفاجئ – لأن العقوبات الاقتصادية القاسية التي يتخذها ترامب بقوة اكبر منذ القرار الاميركي لمغادرة الاتفاق النووي في أيار 2018، هي التي تفاقم الازمة التي يشهدها الاقتصاد الايراني. وقد تعرض ترامب لانتقاد شديد للغاية بسبب قراره تجاهل سلسلة الهجمات الايرانية في نصف السنة الاخيرة ضد اهداف في الخليج والتي كانت ذروتها الهجوم الجسيم على مواقع النفط السعودية في منتصف ايلول الماضي. ولكن مقارنة بامتناعه عن التورط العسكري في الشرق الاوسط، يعشق الرئيس العقوبات ويؤمن بتأثيرها المحتمل. موجة جديدة من المظاهرات في ايران، على خلفية الضائقة الاقتصادية، تخدم بالذات حججه. ترتبط الاضطرابات في ايران بشكل غير مباشر، على الاقل، بموجات الاحتجاج ضد حكمين مؤيدين لإيران في المنطقة، في العراق وفي لبنان. ففي ارجاء العراق أحصي منذ الآن اكثر من 300 قتيل، معظمهم متظاهرون اصيبوا بنار قوات الامن والمليشيات الشيعية. أما في لبنان فالاحتجاج ليس عنيفا بشكل عام، ولكنه مع ذلك أدخل في حالة ضغط شديدة حكومة الحريري وبالاساس أمين عام حزب الله، حسن نصر الله. في هاتين الدولتين، ما بدأ كاحتجاج همه الاقتصاد الفاشل والفساد المستشري في كل شيء، يتلقى لونا مناهضا متزايدا لايران . لا بد أن لهذا الميل في العراق سيساهم ما نشر في "نيويورك تايمز" وموقع اخبار "انتر ست". وبشكل غير مفاجئ يعطي التقرير الصحفي وزنا خاصا لعمل الجنرال قاسم سليماني، قائد قوة القدس في الحرس الثوري الايراني. كما أن سليماني هو الرجل المسؤول، في نفس الوقت، عن المعركة ضد اسرائيل. قبل نحو شهرين عدلت شعبة الاستخبارات في الجيش الاسرائيلي تقديرها وقضت بأن ايران قررت محاولة تثبيت "معادلة" جديدة في موازين القوى مع اسرائيل – وبالتالي، ستحاول الانتقام منها على كل عمل ذي مغزى موجه ضد المصالح الايرانية أو ضد حلفائها في المنطقة. واستنادا الى تقارير اعلامية عربية يبدو أنه طرأ في الاشهر الاخيرة انخفاض معين في حجم الهجمات الاسرائيلية ضد اهداف ترتبط بايران، في اطار المعركة ما بين الحروب. وفي الشهر الماضي اتهم مسؤولون كبار في البرلمان في طهران اسرائيل بالمسؤولية عن الهجوم على ناقلة نفط ايرانية في البحر الاحمر. وفي الاسبوع الماضي جرت محاولة اغتيال لاكرم العجوري، الذي يعتبر الرجل رقم 2 في الجهاد الاسلامي في دمشق. فقد اطلق على بيته صاروخ من الجو فقتل نجله. وبزعم الجهاد، الممول من ايران، فقد أفلت العجوري ونجا بسلام من الهجوم الذي يعزوه التنظيم لاسرائيل. يكثر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في الاسابيع الاخيرة من ذكر التهديدات الامنية من ايران، بل ويدعي نتنياهو بأن خطورة التهديدات عالية واكثر الحاحا مما كانت في الماضي. وفي الايام الاخيرة اجرى الجيش الاسرائيلي بعض التغييرات في انتشاره الدفاعي، في ضوء التهديدات المختلفة. واعلن الجيش أمس عن مناورة مفاجئة لهيئة الاركان في قيادة المنطقة الشمالية وأفاد بأنها تستهدف فحص الجاهزية والقدرات العسكرية للقيادة. وجاء من الجيش الاسرائيلي أن المناورة هي الثانية في سلسلة مناورات قررها رئيس الاركان افيف كوخافي لهذه السنة. وغابت عن البيان الجملة المعتادة في مثل هذه الحالات بأن المناورة خطط لها مسبقا، في اطار جدول التدريبات والمناورات السنوية.اضافة اعلان