الاحتفاء بالملك

يحتفل الأردنيون بالعيد الرابع والخمسين لميلاد جلالة الملك عبدالله الثاني، ويستذكرون مسيرة البناء والعمل منذ تقلد سلطاته الدستورية عام 1999.
لم يرث الملك عبدالله العرش في بلد نفطي يعج بالثروات، ولا في منطقة من دول العالم معزولة عن الصراع، بل على العكس من ذلك فإن الأردن في عين العاصفة كان وما يزال، وعانى ويعاني من الأزمات الاقتصادية، ولكن ما تركه الملك الحسين رحمه الله من إرث لا يستهان به، فالأردن رغم كل العقبات تميز بثروته البشرية القادرة على المنافسة وترسيخ وجودها، واختلف الأردن عن محيطه العربي بحرص النظام الدائم على المصالحة مع شعبه وبناء منظومة قادرة على الاحتواء والتسامح مع المختلفين معه قبل المتفقين.اضافة اعلان
مضى 16 عاماً على قيادة الملك عبدالله لمركب البلاد استطاع خلالها أن يمضي في دعم المبادرات لتطوير الواقع الحياتي للناس، والاقتراب أكثر نحو إطلاق طاقات الشباب، وحافظ على علاقات إيجابية ومتنامية عربيا وإقليميا ودوليا ساهمت في تعزيز فرص دعم الاقتصاد وتشجيع الاستثمار في الأردن.
عيد ميلاد الملك محطة للتوقف والتقييم للمضي بالأردن نحو المدنية والحداثة والإنجاز، والتأشير على موقع الخلل والتحديات التي تواجه البلاد.
استطاع الأردن أن ينجو من الهزات الارتدادية لما سمي "الربيع العربي"، غير أنه مايزال محاصرا بدول تشهد حروباً وصراعات دموية تنتشر فيها الفوضى وجماعات الإرهاب، ويبذل جهداً خلاقاً للحفاظ على أمنه، ودرء الأخطار، وتحقيق ما أمكن من تنمية تساعد المواطنين على مواجهة صعوبات الحياة.
تقوية النسيج الوطني لمواجهة هذه الظروف الإقليمية الصعبة تحتاج أكثر من استراتيجية ورؤية أمنية، والمطلوب مقاربة تحمي الإصلاح والحريات وحقوق الإنسان دون تفريط بالأمن الوطني، وباعتقادي أن التوافق على أبجديات المضي في هذا الطريق هو ما يحمي الأردن أكثر وأكثر، وهو الذي يجعل المواطنين شركاء في تحمل المسؤوليات.
الاحتفاء بعيد ميلاد الملك يجب أن يتزامن ويتواءم دائماً مع حماية حقوق الناس وتكريس دولة المواطنة وسيادة القانون، وهذا ما يصنع الفخر للشعب والنظام.
                                        ***
لزمت الحكومة إلى حد كبير الصمت حيال المنخفض الجوي الأخير، لم تكثر تصريحاتها، ولم تتخذ قرارات مبكرة بعطلة الموظفين سواء في القطاع العام أو الخاص، بدت متشككة وحائرة ولا تعرف ولا تثق بالمعلومات التي بحوزتها عن حالة الطقس.
ورغم حالة الفوضى التي اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي عن المنخفض وتمرير معلومات تثير العجب والدهشة، وانتقال هذه العدوى في المبالغة والتضليل الى بعض وسائل الإعلام المحترف، فإن هذا أيضاً لم يدفع الحكومة للمجازفة سوى بإطلاق صفارات الإنذار تحذيراً من الجليد ليوم واحد وتأخير الدوام لساعة لمدة يومين وتعطيل الدوام في محافظات الجنوب التي شهدت ثلوجا متراكمة وإغلاقا للطرق.
ومع ذلك لم تسلم الحكومة من السخرية بعد ذلك، ولم يمتثل الكثير من الناس لقراراتها، والأغلبية وجدتها دون مبرر، وحالة الطوارئ والاستنفار ذهبت سدى، بل إن أمانة عمان لم تخف انزعاجها والتصريح بأن المبالغة في الحديث عن المنخفض قد كبدها خسائر مالية كبيرة.
المهم تمخّض المنخفض الجوي عن حرب مستعرة بين المتنبئين والراصدين الجويين، والبدء بتقاذف الاتهامات، وانتصار شخصيات عامة لأطراف على حساب أطراف أخرى.
النتيجة لهذا المنخفض كانت إعداد الحكومة لمشروع قانون للمتنبئين الجويين تسرب أنه يغلّظ العقوبات على ما يقدم من معلومات ليست دقيقة عن حالة الجو، وبالتأكيد ستوضع شروط مرهقة لمن يمارس هذا العمل.
الحكومة استسهلت معالجة هذه المشكلة بالتوجه نحو إصدار قانون يستخدم كأداة تقييد في الأرجح، ولكنها لم تسأل هل قامت هي وأجهزتها بالدور المطلوب منها في تطوير منظومة تنبؤات وأرصاد جوية محترفة وعلى مستوى عال من المهنية والعلمية؟!
لست مع الانتصار لطرف على حساب الآخر، وسأبقى مع دعم الإبداع والمبادرات ورفع سوية الاحتراف والعمل، وضد التضييق بالقانون أو بغيره.